عودة العلاقات بين قطر والإمارات.. خطوة جديدة في الجهود السعودية لـ”تصفير المشاكل”
طويت آخر صفحة من الأزمة الخليجية الأخيرة التي تمثلت في مقاطعة السعودية والبحرين ومصر والإمارات لقطر، مع إعادة كل من الدوحة وأبو ظبي افتتاح سفارتيهما واستئناف علاقتيهما الدبلوماسية كاملة. فالإمارات هي آخر الدول المقاطعة التي تستعيد علاقاتها مع الدوحة. هذا في وقت تشهد فيه المنطقة العربية إجمالا توجها نحو حلحلة للمشاكل والملفات المتوترة، وسعي السعودية، اللاعب الإقليمي الأبرز، لاعتماد مفهوم “تصفير المشاكل” في الإقليم، في مرحلة تشهد تصعيدا عالميا بين روسيا والصين من جهة والغرب من جهة أخرى، ينطوي على كثير من المخاطر والتحديات.
نشرت في:
في أحدث تطور في ملف إنهاء الانقسام بين دول الخليج، أعادت كل من قطر والإمارات العربية المتحدة فتح سفارتيهما الاثنين 19 يونيو/حزيران. هذا التطور يأتي بعد نحو ستة أعوام من التوتر بين البلدين، التي جاءت على خلفية مقاطعة الرباعي العربي: السعودية ومصر والإمارات والبحرين في 2017 للدوحة، متهمة إياها بدعم تنظيمات متطرفة وتقربها من إيران.
وقالت الخارجية القطرية في بيان إنه تقرر “استئناف العمل في السفارة القطرية لدى أبوظبي وقنصليتها في دبي، وسفارة الإمارات في الدوحة ابتداء من اليوم الإثنين”. وأضاف البيان أن هذا الإعلان يأتي “انطلاقاً من اتفاق العلا، وحرصا من الدولتين على تعزيز العلاقات الثنائية”. وأكد الجانبان، بحسب البيان الرسمي، أن هذه الخطوة تأتي تجسيداً لإرادة قيادتي البلدين وتعزيزا لمسيرة العمل العربي المشترك، بما يحقق تطلعات الشعبين الشقيقين.
تزامنا، قالت وكالة الأنباء القطرية “قنا” إن الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية القطري، تلقى اليوم اتصالا هاتفياً من نظيره الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، جرى خلاله “تبادل التهنئة بمناسبة استئناف التمثيل الدبلوماسي بين البلدين”.
وأوضحت الوكالة أن الجانبين استعرضا “العلاقات الأخوية بين البلدين، وسبل تعزيز التعاون في مختلف المجالات بما يحقق مصالح الشعبين الشقيقين”، إضافة إلى تبادل “وجهات النظر بشأن المستجدات الإقليمية والدولية، وعدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك”.
خطوات تمهيدية
ولم يأت الإعلان مفاجئا، حيث كانت قطر قد أعلنت في نيسان/أبريل الماضي عن جهود تبذل مع الإمارات لإعادة تبادل التمثيل الدبلوماسي في الأسابيع القادمة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري في حينه إن “اللجان الفنية الآن تقوم بعملها في هذا الإطار، ومن المتوقع أن يكون هناك زيارات متبادلة للنظر في الإجراءات التي نحتاجها لإعادة فتح السفارات”.
وكانت العلاقات بين البلدين الخليجيين قد شهدت تطورا ملموسا خلال العام الماضي، تمثل بتبادل الزيارات الرسمية لمسؤولين من البلدين واتصالات دائمة لتعزيز التعاون وترجمة مخرجات قمة العلا.
ما هي قمة العلا؟
في الخامس من كانون الثاني/ يناير 2021، استضافت المملكة العربية السعودية في مدينة العلا قمة المصالحة الخليجية، التي هدفت إلى إنهاء الانقسام بين الدول والإمارات الخليجية، وخرجت ببيان شدد على روابط التعاون بين دول مجلس التعاون والعمل على توثيقها في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والصحية.
كما أكد “إعلان العلا”، الذي وقعته دول مجلس التعاون الخليجي إضافة إلى مصر، على “تحقيق التعاون والترابط والتكامل بين دول المجلس في جميع المجالات”، وتعزيز العمل الخليجي المشترك عبر “استكمال مقومات الوحدة الاقتصادية والمنظومتين الدفاعية والأمنية المشتركة وبلورة سياسية خارجية موحدة… ومنح مواطني دول المجلس الحرية في العمل والتنقل والاستثمار والمساواة في تلقي التعليم والرعاية الصحية… وتعزيز التكامل العسكري…”.
ومنذ تلك القمة، توالت الأحداث التي أفضت شيئا فشيئا لخروج قطر من ظل “الحصار” الذي كان مفروضا عليها. وكانت السعودية أولى الدول التي باشرت بإنهاء القطيعة مع قطر وأعادت سفيرها إلى الدوحة، لتقوم قطر لاحقا بتعيين سفير لها في الرياض، استتبعه توقيع بروتوكول لإنشاء “مجلس التنسيق السعودي القطري”.
لاحقا استأنفت مصر علاقاتها مع قطر، حيث اتفق البلدان، في 20 كانون الثاني/يناير 2021 على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين، بعد عودة حركة الطيران بين البلدين.
تأخر استرجاع العلاقات مع البحرين
بالنسبة للبحرين، بقي الحال على ما هو عليه حتى نيسان/أبريل الماضي، حين أعلن البلدان عودة علاقاتهما الدبلوماسية لطبيعتها.
ينظر مراقبون إلى أن موقف البحرين من قطر متمايز بعض الشيء عن باقي دول الخليج التي كانت مقاطعة للدوحة. فمملكة البحرين ذات الغالبية الشيعية والمحكومة من السنة، لطالما نظرت بعين الريبة لتطور علاقات جارتها الخليجية مع إيران. وكانت المنامة قد تقدمت بشكاوى متكررة للدوحة بشأن تغطية قناة الجزيرة للاحتجاجات التي كانت مندلعة في البحرين في بدايات ما يسمى “الربيع العربي”.
لكن في خلفية كل هذا، هناك خلاف حدودي بين البلدين حول أرخبيل “حوار” المكون من 14 جزيرة. وتنازع البلدان السيطرة عليه حتى وصل التصعيد إلى ذروته في 1986 حين كادت هذه القضية أن تتحول لنزاع مسلح، لولا تدخل السعودية في حينه.
“تصفير مشاكل” المنطقة
كل هذا يأتي في وقت تتجه فيه المنطقة العربية إلى مرحلة “تصفير المشاكل”، بمعنى حلحلة الملفات الشائكة والمتوترة في ظل التطورات الكبرى التي تجري في العالم. فيما يبدو أن المملكة العربية السعودية، على رأس القوى المتبنية لهذا المفهوم، تسعى لتنفيذه مع استئناف علاقاتها بإيران وتقاربها مع الصين وحوارها مع تركيا وتعزيز وجودها في العراق، دون أن نغفل دورها في إعادة سوريا للجامعة العربية. وقبل هذا كله، كان الدفع باتجاه تحقيق المصالحة الخليجية.
اكتشاف المزيد من ماسنجر المسلم
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.