Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
ما يهم المسلم

الاعتصام بالكتاب والسنة، طاعة الرسول، وحكم من يرد السنة؟


الاعتصام بالكتاب والسنة أساس إيمان المسلم وهدايته وأصل نجاته في الدنيا ونيل مرضاة الله تعالى في الآخرة. وذلك أن القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة هما المصدران الأساسيان للتشريع الإسلامي، والأخذ بهما من أهم الواجبات وأعظم القربات، فإن أركان الدين وشرائع الإسلام تنبني عليهما، ولا يتعرف على هذا الدين إلا بهما، فما المقصود بالاعتصام بالكتاب والسنة وما أهميته على الفرد المسلم، وما هي الأدلة الشرعية التي تقرر هذا الأصل؟

وجوب الاعتصام بالكتاب والسنة

قال الله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) [آل عمران: 103].

وجاء في -صحيح مسلم- من حديث سهيل ابن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن رسول اللَّه قال: “إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا، وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلَاثًا، يَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا، وَأَنْ تُنَاصِحُوا مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ، وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلَاثًا: قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ”.

وعن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما أن النبي قال: “تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به؛ كتاب الله”. رواه مسلم.

وروى الحاكم من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن النبي أنه قال: “يا أيها الناس؛ إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً، كتاب الله، وسنة نبيه”. وأخرج مالك في الموطأ أن النبي قال: “تركتُ فيكم ما إن اعتصمتُم به فلن تضِلُّوا بعدي أبدًا: كتابَ الله وسنتي”.

الاعتصام بالكتاب والسنَّة أعظم فرائض الإسلام

الاعتصام بالكتاب والسنَّة أعظم فرائض الإسلام، وأجلُّ أركانه قال الله تعالى: (وَمَن يَعْتَصِم بِالله فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [آل عمران: 101]. فالاعتصام بالله والتوكل عليه هو العمدة في الهداية، والعدة في مباعدة الغواية، والوسيلة إلى الرشاد وطريق السداد وحصول المراد. قال الإمام الطبري رحمه الله: ومن يتعلَّق بأسباب الله، ويتمسَّك بدينه وطاعته فقد وُفِّق لطريق واضح، ومحجَّة مستقيمة غير مُعوجَّة.

قال الإمام الطبري رحمه الله: ومن يتعلَّق بأسباب الله، ويتمسَّك بدينه وطاعته فقد وُفِّق لطريق واضح، ومحجَّة مستقيمة غير مُعوجَّة.

فالوحيُ كافٍ للذي يُعنَى به *** شافٍ لداء جهالةِ الإنسان

واللهِ ما قال امرؤٌ مُتحـذلِقٌ *** بسواهما إلا مـن الهَذَيَان

اتباع هدي النبي

وقد أمرنا الله تعالى بوجوب اتباع هدي الرسول وهو كا ما جاء به، والأخذ به والحرص على امتثاله قال الله عز وجل: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا الله إِنَّ الله شَدِيدُ الْعِقَابِ) [الحشر: 7].

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: أي مهما أمركم به فافعلوه، ومهما نهاكم عنه فاجتنبوه، فإنه إنما يأمركم بخير وإنما ينهى عن شر.

وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: نظرت في المصحف فوجدت طاعة الرسول في ثلاثة وثلاثين موضعًا.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أمر الله بطاعة رسوله في أكثر من ثلاثين موضعاً من القرآن، وقَرَنَ طاعته بطاعته، وقرن بين مخالفته ومخالفته.

ولا شكّ أنّ الأخذ بالكتاب والسنة من أهم الواجبات وأعظم القربات لأن الأخذ بالرأي المجرّد عن الدليل الشرعي يُوصل إلى المهالك.

فوائد الاعتصام بالكتاب والسنة

التمسك بالكتاب والسنة رفعة للمسلم

التمسك بكتاب الله وسنة النبي رفعة للمسلم في الدنيا والآخرة، تأملوا إلى القصة التي وقعت في عهد الفاروق عمر رضي الله عنه؛ لقي نافع بن عبد الحارث عمرَ بن الخطاب رضي الله عنه بعُسفان، وكان عمر يستعمله على مكة، فقال: من استعملت على أهل الوادي؟! فقال ابن أبزى، قال: ومن ابن أبزى؟! قال: مولىً من موالينا، قال: فتستخلف عليهم مولى؟! قال: إنه قارئ لكتاب الله عز وجل، وإنه عالم بالفرائض، قال عمر: أما إن نبيكم قد قال: “إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا، ويضع به آخرين” رواه مسلم.

الهداية والصلاح والفلاح في اتباع الكتاب والسنة

 قال ابن عباس رضي الله عنهما: “تكفّل الله لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه: أن لا يضل في الدنيا، ولا يشقى في الآخرة”. ثم قرأ هذه الآية: ((فَإِمَّا يَأتِيَنَّكُم مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى) [طه: 123]. وقال الله تعالى: (قَدْ جَاءَكُم مِّنَ الله نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ الله مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [المائدة: 15].

الرجوع إلى الكتاب والسنة عند التنازُع والاختلاف

المسلم في كل وقت وعلى أي حال يرد أمره إلى كتاب الله وسنة رسوله . قال سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) [النساء: 59]. قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: قال مجاهد وغير واحد من السلف: أي إلى كتاب الله وسنة رسوله .

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: قال مجاهد وغير واحد من السلف: أي إلى كتاب الله وسنة رسوله وهذا أمر من الله عز وجل بأن كل شيء تنازع الناس فيه من أصول الدين وفروعه أن يرد التنازع في ذلك إلى الكتاب والسنة.

وأخرج أهل السنن من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه أن النبي قال: “فإنه من يعِش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسُنَّتي وسنةِ الخلفاء الراشدين المهديين من بعيد، عضُّوا عليها بالنواجِذ، وإياكم ومُحدَثات الأمور، فإن كل بدعةٍ ضلالة”.

في الحديث: الحث والتأكيد الشديد على التمسك بسنة النبي وسنة الخلفاء الراشدين، والنهي عن الابتداع في الدين والتحذير الشديد من ذلك.

قال شيخ الإسلام ابن تيميةَ: “وكان من أعظم ما أنعم الله به على السلف: اعتصامهم بالكتاب، والسنة، فكان من الأصول المتفق عليها بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان، أنه لا يقبل من أحد قط أن يعارض القرآن، لا برأيه ولا ذوقه، ولا معقوله، ولا قياسه، ولا وجده، فإنهم ثبت عنهم بالبراهين القطعيات، والآيات البينات أن الرسول جاء بالهدى ودين الحق، وأَن القرآن يهدي للتي هي أقوم”.

السنة النبوية جزء من الوحي

قال الله تعالى عن رسوله الكريم : (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) [النجم: 4].

قال الإمام الطبري: يقول تعالى ذكره: وما ينطق محمد بهذا القرآن عن هواه، إن هو إلا وحي يوحى، يقول: ما هذا القرآن إلا وحي من الله يوحيه إليه.

وقال الإمام البغوي: يريد لا يتكلم بالباطل، وذلك أنهم قالوا: إن محمدًا يقول القرآن من تلقاء نفسه. وقال الإمام البيضاوي: وما يصدر نطقه بالقرآن عن الهوى.

واعلم أنه لا يستقيم إيمان العبد إلا بطاعة الله ورسوله، وبلزوم الكتاب والسنة، فالسنة النبوية جزء من الوحي. قال تعالى: (وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) [الحشر: 7]. وهذا دليل قاطع وساطع لا يحتاج إلى تأويل ولا تفسير، باعتبار السنة مصدرًا من مصادر الوحي والتشريع.

وقد قال كما رواه أبو داود وصححه جمع من أهل العلم: “أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْقُرْآنِ، فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ، وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ، وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ كَمَا حَرَّمَ اللهُ”.

فالكتاب والسنة هما من مشكاة واحدة، وداخلةٌ في ذلك الوعد الصادق بالحفظ والضمان الأكيد.                                   حيث قال سبحانه: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحجر: 9]

فلا بد من تعظيم السنة والعمل بها، فلولا السنة ما عرفت تفاصيل العبادات، ولا المعاملات، ولا الكثير من أحكام الشرع، فالقرآن يجمل والسنة تفصّل، ولم يخالف بذلك أحد، ومن أنكر السنةَ فقد أنكر الدين، وما طعن أحد في السنة إلا وهو يطعن في الدين.

حكم من يرد السنة النبوية

وقد حكم جماهير أهل العلم على كفر من رد السنة، لعدم الإقرار بها مكتفيًا بالقرآن.

قال الإمام ابن حزم: فلم يسع مسلمًا مقرًّا بالتوحيد أن يرجع عند التنازع إلى غير القرآن والخبر عن الرسول فمن فعله مستحلا للخروج عن أمرهما موجبًا لطاعة أحدهما دونهما فهو لا شك كافر.

وقال الإمام الآجري: جميع فرائض اللَّه الذي فرضها في كتابه لا يعلم الحكم فيها إلا بسنن الرسول هذا قول علماء المسلمين، من قال غير هذا خرج عن ملة الإسلام ودخل دائرة الملحدين.

وقال الإمام السيوطي: من أنكر كون حديث الرسول قولا كان أو فعلا حجة، كفر وخرج عن دائرة الإسلام، وحشر مع اليهود والنصارى أو مع من شاء الله من الفرق الكفرة.

وقال الإمام إسحاق بن راهويه رحمه الله: من بلغه عن رسول الله خبر يقر بصحته ثم رده بغير تقية فهو كافر.

وقال العلامة ابن الوزير رحمه الله: التكذيب لحديث رسول الله مع العلم أنه حديثه كفر صريح.

قال الإمام ابن القيم رحمه الله فيمن عارض حديث رسول الله كما في أعلام الموقعين: “وقد كان السلف الطَيب يشتد نكيرهم وغضبهم، على من عارض حديث رسول اللَّه برأي أو قياس أو استحسان، أو قول أحد من الناس كائنًا من كان، ويهجرون فاعل ذلك، بل كانوا عاملين بقوله: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) [الأحزاب: 36].

يقول ابن أبي داود في حائيته:

تمسَّك بحبـل الله واتبعِ الهُدى *** ولا تـكُ بـدعيًّا لعـلك تُفلِحُ

ودِن بكتـابِ الله والسننِ التي *** أتت عن رسول الله تنجُو وتربحُ


اكتشاف المزيد من ماسنجر المسلم

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من ماسنجر المسلم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading