“المؤتمر الدولي الثاني للمناظرة والحوار”.. نحو محاججة عابرة للثقافات

هل يمكن للمناظرة أن تكون مفتاحًا لفهم أعمق بين الثقافات؟ في عالم يزداد تعقيدًا وتداخلًا، تبرز الحاجة لحوار عقلاني يعبر الحدود الفكرية والجغرافية، وهنا يأتي دور “المؤتمر الدولي الثاني للمناظرة والحوار” الذي تنظمه مناظرات قطر كمنصة رائدة تجمع العقول من مختلف أنحاء العالم.
تستضيف الدوحة هذا الحدث في مايو 2025، حيث يلتقي الباحثون والمتناظرون والمفكرون لتناول قضايا معرفية معاصرة من زوايا فلسفية وتعليمية وثقافية، وتوظيف أدوات الحجاج والجدل في تطوير مجتمعات أكثر وعيًا وتسامحًا. من الذكاء الاصطناعي إلى الفكر الإسلامي، ومن مناهج التعليم إلى تحكيم المناظرات، يشكل “المؤتمر الدولي الثاني للمناظرة والحوار” لوحة معرفية متكاملة ذات تأثير عالمي.
ما يميز “المؤتمر الدولي الثاني للمناظرة والحوار” هذا العام هو تكامله بين الأبعاد الأكاديمية والحوارات الشبابية الحية، وتقديمه لفرص تعاون بحثية وشراكات استراتيجية جديدة، تعزز من مكانة قطر كمنبر عالمي للحوار البنّاء.
مشهد عالمي جديد للحوار والمناظرة
تستعد العاصمة القطرية لاستضافة فعاليات النسخة الثانية من “المؤتمر الدولي للمناظرة والحوار” يومي 19 و20 مايو 2025 في مركز قطر الوطني للمؤتمرات، بمشاركة نخبة من المتناظرين وقادة الحوار الشبابي من مختلف دول العالم، والعديد من الباحثين والأكاديميين الذين يلتقون لصياغة حواراتٍ علمية وفكرية ثرية تهدف إلى ربط البحث العلمي بالقضايا المعرفية المعاصرة، وتوسيع تطبيقاته في الحياة الأكاديمية والمجتمعية.

يسعى “المؤتمر الدولي الثاني للمناظرة والحوار” الذي يُنظمه مركز مناظرات قطر، من إنشاء مؤسسة قطر، إلى ترسيخ ثقافة المناظرة عالميًا، وتوظيف الحوار بما يسهم في تنمية المجتمعات حول العالم، وإرساء فضاء علمي رفيع يثري مجالات الحجاج والمناظرة، وتتقاطع مع تخصصات كالفلسفة والتعليم واللغويات والعلوم الإسلامية، مع استثمار مخرجات البحوث لتطوير الممارسات المعرفية على المستويين الأكاديمي والمجتمعي.
الحِجاج العابر للثقافات
يستضيف “المؤتمر الدولي الثاني للمناظرة والحوار” نخبة رفيعة المستوى من الأكاديميين والباحثين من جميع أنحاء العالم. من أبرز المتحدثين في اليوم الأول هو الدكتور كريستوفر تانديل، الأستاذ بجامعة وندسور الكندية الذي يتحدث عن “كيف يحاجج الآخرون: الحجاج العابر للثقافات كأداة للتفاهم”، وفي اليوم الثاني الدكتور حمو النقاري أستاذ المنطق والفلسفة في جامعة محمد الخامس المغربية، الذي يسلط الضوء على “المنطق المناظراتي”.

يستكمل “المؤتمر الدولي الثاني للمناظرة والحوار” هذا العام النجاح الذي حققه في نسخته الأولى في عام 2023، التي شهدت حضورًا كثيفًا تجاوز 800 مشارك من داخل قطر وخارجها، ما عكس الانطلاقة القوية في دورته الافتتاحية وأشّر إلى المكانة المتقدمة التي حازها المؤتمر بصفته محفلًا فكريًا عالميًا.
السبيعي: المؤتمر رؤية استراتيجية لبناء ثقافة الحوار
حول “المؤتمر الدولي الثاني للمناظرة والحوار”، صرح عبد الرحمن السبيعي مدير البرامج بمركز مناظرات قطر قائلًا: “ترسخ الدورة الثانية من المؤتمر الدور الريادي لمركز مناظرات قطر في بناء ثقافة الحوار على الصعيدين الإقليمي والدولي. وبالإضافة إلى أنها تمثل نقلة نوعية تُعزز حضور المركز كمنصة دولية للحوار البنّاء، فإنها تنسجم تمامًا مع توجهاتنا الهادفة إلى دعم البحث العلمي في هذا المجال. وأضاف: “إننا نتحرك ضمن رؤية استراتيجية تجمع بين التميز البحثي وبناء الشراكات العالمية، انطلاقًا من إيماننا العميق بدور المحاججة والمناظرة في إحداث التغيير”.

وكانت النسخة السابقة شهدت توقيع العديد من اتفاقيات التعاون مع مؤسسات مرموقة عالمياً، مما يعكس التوسع الاستراتيجي لبرامج المركز وشراكاته الدولية. ومن المقرر أن تشهد النسخة الحالية عدد من الاتفاقيات والشراكات الجديدة.
يتضمن “المؤتمر الدولي الثاني للمناظرة والحوار” في اليوم الأول العديد من الجلسات المتزامنة من أبرزها: المناظرة في المخطوطات الإسلامية بالتعاون مع جامعة السلطان الفاتح، وأفضل الممارسات في تدريب المناظرات، والمنظورات النظرية للحجاج مع نماذج فعلية، وصيغ المناظرة مع التركيز على التنوعات الثقافية والمخرجات التعليمية، والخطاب والحجاج في الصراعات السياسية، وتطبيقات الجدل والمناظرة في الفقه والفكر الإسلامي.
ثقافة المناظرة بالذكاء الاصطناعي
تسلط جلسات اليوم الأول أيضًا الضوء على ممارسات تطوير تحكيم المناظرات ونماذجها وأثرها، وتناقش موضوعات مثل تمكين ثقافة المناظرة وتعليمها بالذكاء الاصطناعي، وأثر المناظرة على تطوير المعرفة والمهارات الأكاديمية، ودراسات حالة للمناظرات السياسية في السياق العربي، والأبعاد التاريخية والتشريعية للجدل الفقهي.
يتضمن اليوم الثاني العديد من الجلسات المتزامنة التي تناقش مجموعة أخرى من القضايا المعرفية الثرية، مثل الرؤى العربية والإسلامية للحجاج، وأثر المناظرة على تعزيز التفكير النقدي وتعلم اللغة، ومناهج الحجاج الإسلامي، وآفاق وحدود توظيف الذكاء الاصطناعي في الحجاج، وإعادة صياغة مناهج التعليم من خلال المناظرة، واستكشاف ممارسات وفلسفة تحكيم المناظرات، والممارسات الحجاجية بين بناء المرونة والفاعلية والحوار الشامل بالإضافة إلى وورشة شبابية حول الحوار وأصوات الشباب.
الحجج القياسية في أصول الفقه الإسلامي
ويناقش “المؤتمر الدولي الثاني للمناظرة والحوار” أوراق مختارة من الدورية المحكمة “المنطق غير الصوري”، منها القانون الدولي والحجاج ومدخل إلى الكياسة القائمة على الحجاج، والحجج القياسية في أصول الفقه الإسلامي والمنطق القانوني المعاصر. ويتضمن بالتوازي مع الجلسات الأكاديمية فعاليات تسلط الضوء على الدور القيادي للشباب، حيث تُتاح الفرصة لعدد من القادة الشباب لتقديم مجلس حواري يناقش القضايا الدولية البارزة، بمشاركة نخبة من المتناظرين وقادة الحوار الشبابي، وأعضاء أكاديمية النخبة.
أيضاً، يستضيف “المؤتمر الدولي الثاني للمناظرة والحوار” معرضًا تفاعلياً فريدًا من نوعه، بالشراكة مع مؤسسة ولي العهد (الأردن)، يضم نخبة من المخطوطات الأثرية التي وثّقت فن المناظرة في الحضارة الإسلامية، بالشراكة مع وزارة الثقافة التركية، وجامعة السلطان محمد الفاتح الوقفية، وبتعاون فني من متاحف قطر التي تشرف على تصميم المعرض.
كما يحظى “المؤتمر الدولي الثاني للمناظرة والحوار” بمجموعة متميزة من الشركاء، من بينهم الشركاء الأكاديميين: جامعة وندسور (كندا)، وجامعة السلطان محمد الفاتح الوقفية (تركيا)، وجامعة ابن خلدون (تركيا)، ، وجامعة الزيتونة (تونس).
“مناظرات قطر”: دعم دائم لمعايير الحوار والمناقشات المفتوحة
وللإشارة، مركز مناظرات قطر – من إنشاء مؤسسة قطر– هو المنظمة الوطنية الوحيدة للمناظرات في دولة قطر، وقد تأسس في عام 2008 بهدف نشر ثقافة المناظرة في دولة قطر والوطن العربي وعلى مستوى العالم، إضافة لتطوير ودعم معايير الحوار والمناقشات المفتوحة والمناظرات في دولة قطر والعالم والارتقاء بها، من خلال تحقيق رؤية منسجمة مع شعار المركز: “إثراء الحوار، تمكين العقول”.
وتشهد جهود مركز مناظرات قطر في نشر ثقافة المناظرة والحوار المفتوح توسعاً وانتشاراً من خلال بناء جسور التعاون مع مؤسسات عديدة لدعم ونشر فن المناظرات والحوار في عدة دول مثل الكويت وسلطنة عمان والسودان والأردن ودول المغرب العربي وشرق آسيا وأوروبا والولايات المتحدّة الأمريكية، وفي هذا الإطار أطلق المركز برامج فريدة تهدف بشكل رئيسي إلى نشر رسالة المركز في جميع أنحاء العالم مثل برنامج السفراء وبرنامج أكاديمية النخبة والتي تضم نخبة من الشباب حول العالم يحملون رسالة المركز.
ويقوم المركز محليّاً أيضاً بتدريب ورعاية الفريق الوطني للمناظرات باللغة العربية واللغة الإنجليزية – الفريق الممثل لدولة قطر في المحافل الدولية للمناظرات – بمشاركات في بطولات دولية منذ 2008، إضافة إلى تنظيم ورعاية العديد من الفعاليات والبطولات التي تشارك فيها غالبية المدارس والجامعات في دولة قطر، وأنجز المركز تطوير منهج دراسي للمناظرة باللغة العربية يتم تدريسه في عدد من الجامعات.
اكتشاف المزيد من ماسنجر المسلم
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.