مصر أمام معضلة.. هل تفتح القاهرة معبر رفح أمام سكان غزة إذا قرروا المغادرة
وضع التصعيد المتواصل بين إسرائيل وحماس، مصر أمام معضلة كبيرة. وتجد القاهرة نفسها في مواجهة أسئلة متعددة حول كيفية تعاملها مع النزوح الجماعي لبعض سكان قطاع غزة هربا بأرواحهم من القصف الإسرائيلي. ويعود أصل المعضلة إلى أن مصر هي المنفذ الوحيد لسكان القطاع للوصول إلى العالم الخارجي الذي لا يخضع لسيطرة إسرائيل. وفي حال فتحت مصر حدودها أمام التدفقات البشرية القادمة من غزة، فإنها ستكون أمام مخاطرة في حال عدم سماح تل أبيب لهم بالعودة.
نشرت في:
6 دقائق
بعد أوامر إسرائيلية لسكان غزة بإخلاء النصف الشمالي من القطاع خلال 24 ساعة، أصبحت مصر أمام معضلة تتعلق بفتح حدودها أمام تدفقات الفارين من القصف. وأكدت الأمم المتحدة أن ما يربو على 400 ألف فلسطيني في غزة نزحوا قبل أوامر الإخلاء الإسرائيلة، كما كشفت أن التقديرات تشير إلى أن عشرات الآلاف فروا باتجاه الجنوب بعد صدور الأوامر.
ودعت إسرائيل الجمعة سكان مدينة غزة إلى إخلائها والنزوح جنوبا، في قرار أكدت الأمم المتحدة أنه يطال 1,1 مليون شخص وحذرت من تبعاته “المدمرة”، الأمر الذي رفضته حماس.
وخلال احتفال عسكري الخميس شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في خطاب على أن يبقى أهالي غزة “صامدين ومتواجدين على أرضهم”.
ودعا السيسي الطرفين للعودة فورا إلى المسار التفاوضي وضبط النفس، مؤكدا أن الأمن القومي لبلاده هو “مسؤوليته الأساسية”.
“محاولة تهجير”
وفي الأردن، البلد الذي يستضيف مليوني لاجئ فلسطيني مسجلين لدى الأمم المتحدة، حذر الملك عبد الله الثاني خلال لقاء مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن من “أية محاولة لتهجير الفلسطينيين من جميع الأراضي الفلسطينية أو التسبب في نزوحهم”، مشددا على “عدم ترحيل الأزمة إلى دول الجوار ومفاقمة قضية اللاجئين”.
ولا يعد المنفى أمرا يسيرا خصوصا وأن أكثر من 80 في المئة من سكان القطاع المحاصر البالغ عددهم 2,4 ملايين نسمة، تعرضوا للطرد من بلداتهم القريبة من الجيب الفلسطيني عند قيام إسرائيل في عام 1948.
وكتب السياسي الفلسطيني المقيم في الخليج محمد دحلان عبر حساباته على منصات التواصل الاجتماعي الجمعة أن “المؤامرة الحقيقية الكبرى تحت دخان الحرب تتكشف لحظة بلحظة، هدف الاحتلال النهائي هو التهجير القسري لشعبنا عن أرضه بقوة السلاح والتجويع والقتل الدموي”.
وأضاف “لن يسمح شعبنا بذلك وسوف يطيح بهذه المؤامرة ويوجه للمحتل صفعة كبرى جديدة”.
وتعرض معبر رفح الحدودي بين مصر وغزة لثلاث غارات جوية على الجانب الفلسطيني خلال 24 ساعة، اثنتان منها الثلاثاء، ما أسفر عن غلقه مؤقتا من قبل السلطات المصرية.
وخلال الأيام الماضية تركزت الجهود المصرية والأردنية على جمع المساعدات الإغاثية، إقليما ودوليا، لسكان القطاع في محاولة لتخفيف معاناتهم، إذ خصصت القاهرة مطار العريش بسيناء شمال شرق البلاد لاستقبال شحنات المساعدات التي أرسلت عمان الكميات الأولى منها.
“جريمة حرب”
ومن جهته رأى الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أن مطالبة إسرائيل لسكان شمال قطاع غزة بالانتقال إلى جنوبه يعد “جريمة حرب جديدة”.
وأكد أبو الغيط، بحسب ما نشرت الجامعة الجمعة على منصة إكس، في خطاب إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على أن “اتفاقية جنيف الرابعة تحظر على القوة القائمة بالاحتلال مباشرة نقل قسري للسكان”.
وبالحديث عن تهجير لسكان قطاع غزة، تتجه الأنظار إلى شبه جزيرة سيناء في مصر، وحيث يواجه الجيش المصري منذ العام 2013 مجموعات من الجهاديين المتطرفين برز نشاطهم بعد الإطاحة بالرئيس الاسلامي الراحل محمد مرسي خصوصا في شمال ووسط سيناء.
وباشرت مصر في نهاية 2014 في إنشاء منطقة عازلة في شمال سيناء على تخوم القطاع الفلسطيني من أجل تدمير مئات الأنفاق التي حفرت من غزة. وتقول القاهرة إن الفلسطينيين كانوا يستخدمونها لنقل أسلحة إلى حركات جهادية في سيناء.
ونفى إعلاميون مصريون أن تسمح مصر بتوطين سكان قطاع غزة في سيناء. وعبر التلفزيون المصري الرسمي قال الإعلامي يوسف الحسيني “لا إفراط ولا تفريط”، مشيرا إلى ما يتم تداوله عن الدفع بالفلسطينيين إلى شبه الجزيرة المصرية.
واتُهم مرسي وجماعة الإخوان المسلمين المحظورة في مصر منذ نهاية 2013 بالسعي إلى “التفاوض مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس على ذلك”.
والجمعة نقلت وكالة “وفا” الفلسطينية الرسمية للأنباء أن عباس شدد لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن خلال لقاء جمعهما في عمان “على ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي على أبناء شعبنا بشكل فوري، وحمايتهم، والرفض الكامل لتهجير أبناء شعبنا من قطاع غزة، لأن ذلك سيكون بمثابة نكبة ثانية لشعبنا”.
ووجه الأزهر في مصر الخميس “تحيته لصمود أبناء فلسطين العزيزة، وتقديره لتشبثهم بأرضهم الغالية، وتمسكهم بالبقاء فوق ترابها، مهما كان الثمن والتضحيات”.
وتابع في بيان مخاطبا الفلسطينيين “خير لكم أن تموتوا على أرضكم فرسانا وأبطالا وشهداء. واعلموا أن في ترك أراضيكم موتا لقضيتكم وقضيتنا وزوالها إلى الأبد”.
وفي السابع من تشرين الأول/أكتوبر أطلقت حركة حماس عملية “طوفان الأقصى” التي توغل خلالها مقاتلوها في مناطق إسرائيلية ودخلوا مواقع عسكرية وتجمعات سكنية وقتلوا أشخاصا وأسروا آخرين.
وقتل ما لا يقل عن 1300 شخص في إسرائيل منذ بدء هجوم حماس السبت الماضي، وبينهم 258 جنديا، وفق آخر حصيلة للجيش الإسرائيلي.
أما في قطاع غزة المحاصر، فقتل نحو 1900 فلسطيني بينهم 614 طفلا وأصيب 6388 آخرين حسب وزارة الصحة في غزة، جراء القصف الإسرائيلي المكثف ردا على العملية.
ورغم سقوط هذا العدد من الضحايا، يبدو أن معظم الفلسطينيين يرفضون المغادرة.
وقال الأب الفلسطيني المكلوم جمال المصري لوكالة الأنباء الفرنسية “سنبقى صامدين ولن نخرج من غزة. هذا قدرنا”.
فرانس24/ أ ف ب
اكتشاف المزيد من ماسنجر المسلم
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.