مؤتمر السنة الدولية للأسرة. الذكرى 30 للسنة الدولية للأسرة
نظّم معهد الدوحة الدولي للأسرة مؤتمرا دوليا لإحياء الذكرى الثلاثين للسنة الدولية للأسرة يتناول موضوع “الأسرة والاتجاهات الكبرى المعاصرة”. وتم افتتاح مؤتمر السنة الدولية للأسرة بمركز قطر الوطني للمؤتمرات. واجتمع على مدار يومين، أكثر من 2000 مشارك، من صناع السياسات والباحثين والخبراء وأولياء الأمور والمؤثرين والشباب، لاستكشاف تأثير الاتجاهات الكبرى المعاصرة على الأسرة:
• الاتجاهات الديموغرافية
• الهجرة والتمدّن
• التغيّر التكنولوجي
• تغيّر المناخ
ينظم مؤتمر السنة الدولية للأسرة معهد الدوحة الدولي للأسرة بالتعاون مع وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة كشريك استراتيجي، واللجنة الدائمة لتنظيم المؤتمرات في وزارة الخارجية القطرية كشريك تنفيذي، ودعم من إدارة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية، ومركز مناظرات قطر كشريك شبابي لمؤتمر السنة الدولية للأسرة
ويناقش مؤتمر السنة الدولية للأسرة، الذي يستمر يومين وينظمه معهد الدوحة الدولي للأسرة بالتعاون مع عدد من الشركاء، التحديات الكبرى التي تواجه الأسرة، ومنها التغير التكنولوجي والاتجاهات الديموغرافية والهجرة والتمدن وتغير المناخ بمشاركة عدد كبير من المؤسسات الإقليمية والدولية، ومنظمات المجتمع المدني والأكاديميين والخبراء، وصناع السياسات من مختلف دول العالم.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أعلنت عن السنة الدولية للأسرة في عام 1994، معترفة بالأسرة باعتبارها الوحدة الأساسية للمجتمع، وبالتالي ينبغي أن تحظى بأكبر قدر ممكن من الحماية والمساعدة وفقًا للمواثيق المُصادق عليها دوليًا. يضطلع مؤتمر السنة الدولية للأسرة، الذي يُعقد مرة كل عقد من الزمان بدور محوري في تطوير السياسات والبرامج التي يمكنها دعم وتمكين الأسر على نطاق عالمي.
الأسرة في عالم مُعولم
وقالت صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، في افتتاح مؤتمر السنة الدولية للأسرة”إن قضايا الأسرة وتحدياتها تتماثل في المجتمعات جميعها، ولكنها تختلف في خصوصياتها من بلد إلى آخر، فهناك مشتركات كثيرة بين الأسر من شمال العالم إلى جنوبه، أبرزها تحديات التكنولوجيا وتأثيرها، واللغة الأم في عالم معولم، وصراع الهويات، وكلها تحديات كونية تتأثر بها أكثر من سواها بلدان لا تمتلك أدوات ثقافية واقتصادية وتنموية تساعدها على تخفيف الصدمات”.
وركزت صاحبة السمو في كلمتها على التحديات التي تواجهها الأسر العربية، وقالت أنه “ففي الوقت الذي نستهلك فيه التكنولوجيا الرقمية، نتجاهل البروتوكولات الخاصة بها، ونستسلم لإغواءاتها، وهي تبعدنا عن العالم الواقعي إلى عالم افتراضي نختاره أحيانا في محاولة للهروب من قسوة الواقع، ما يشكل تغريبا خطيرا، قد يجعل الأجيال الشابة، تحديدا، خارج ثقافتها وخارج لغتها في بعض الأحيان، والأخطر أن تكون خارج هويتها”.
ولفتت صاحبة السمو في كلمتها إلى “أن هناك ثمة تحديا آخر، يواجهنا كعرب، يتمثل في الدفاع عن مكانة اللغة الأم في حياتنا ووجداننا ومناهجنا التعليمية، فاللغة العربية جوهر هويتنا والحامل الحضاري لتاريخنا وقيمنا وحكمة أسلافنا وخصوصيتنا الثقافية. ولا يعني الاعتزاز باللغة العربية تعصبا يمنعنا من تعلم لغات أخرى تعمق معارفنا، ولكن القول الفصل ألا تأخذنا اللغة، التي نتعلمها، بعيدا عن لغتنا الأم”.
وأشادت قرينة رئيس رواندا السيدة جانيت كاغامي بمؤتمر السنة الدولية للأسرة، وقالت أن التعاون الدولي ضروري لتحقيق تطلعاتنا المشتركة، مؤكدة على أهمية مؤتمر الأسرة كحدث دولي. وفي معرض تعليقها على مشاركتها وأهداف المؤتمر، قالت: “إن موضوع هذا المؤتمر يتردد صداه بعمق مع طموح رواندا في تمتين المجتمعات المحلية من خلال تمتين الأسرة. وإنني أتطلع إلى التعلم والمشاركة، لأن التعاون الدولي ضروري لتحقيق تطلعاتنا المشتركة، وتحديداً أهداف التنمية المستدامة لدينا”.
وشاركت كاغامي في جلسة بعنوان “كسر الدورة: التغلب على فخ الفقر” ضمن مؤتمر السنة الدولية للأسرة. وتناولت الجلسة العلاقة بين ديناميكيات الأسرة واستمرار الفقر، وتطرقت إلى موضوعات مهمة مثل الفقر وزواج الأطفال، ودوافع الوالدين للزواج المبكر، وسياسات الحماية الاجتماعية القائمة على الأسرة.
وتشكل هذه الجلسة جزءًا من موضوع المؤتمر الأوسع، “الأسرة والاتجاهات الكبرى المعاصرة”، والتي تستكشف كيف تؤثر التحولات العالمية مثل التغير التكنولوجي والتغيرات الديموغرافية والهجرة وتغير المناخ على الأسرة.
بناء مستقبل محوره الأسرة
شهد اليوم الأول من مؤتمر السنة الدولية للأسرةالعديد من الجلسات النقاشية، التي تناولت السياسات الهادفة إلى حماية الأسر في البلدان المتأثرة بالنزاعات، وتأثير انخفاض عدد السكان حول العالم، وتحقيق التوازن بين العمل والحياة الأسرية.
وجمعت جلسات المؤتمر خبراء وصناع سياسات من جميع أنحاء العالم، التقوا لاستكشاف الاتجاهات العالمية الكبرى التي تؤثر على الأسرة، إلى جانب البحث في السياسات والبرامج التي تعزز مكانة الأسرة في المجتمع.
الأسرة .. حياة ممزقة
ففي جلسة عقدت بعنوان “حياة ممزقة: الأسرة في ظل الحروب والنزاعات”، قالت الدكتورة نور نعيم المدير التنفيذي لأكاديمية آي أي مايندز وهي فلسطينية نشأت في غزة:” إن ما يحدث في غزة هو إبادة للطبقة المتوسطة بشكل مستهدف وإبادة تعليمية مستهدفة، تنسف فكرة ارتباط الأسرة بوطنها لكي ترفض هذه الأسرة وطنها وتهاجر إلى آخر بقاع الأرض”.
وأوضحت أنه حسب ما ينقله لها والدها وهو طبيب يعمل هناك رغم إصابته في هذه الحرب فإنه على الرغم من المأساة التي تجري هناك، فإن الترابط الأسري أصبح في أوجه، حيث تتخذ الأسر معا قرارات النزوح وتقرير مصيرها.
وقالت الدكتورة نور نعيم “إن قوة المجتمع في غزة تأتي من الأسر والترابط الأسري القوي جدا، حيث تنزح الأسر إلى منازل بعضها البعض، دون التمييز بين القريب والغريب، ويعيشون معا كأنهم أسرة واحدة، فهذه هي القيم والمبادئ التي يقوم عليها المجتمع في غزة، عكس ما يحدث دائما في الحروب، هناك مجتمع مدني تطوعي شبابي داخل الخيم والمشافي لدعم الأسر الفقيرة، والتطوع في مجال التمريض”.
وأضافت أن حالة التكافل المجتمعي في غزة يجب أن تدرس في الكتب وعلم الاجتماع في العالم بأسره، والدافع الأساسي لهذا التكافل هو أننا كلنا سواسية تحت الموت في كل لحظة، وليس أمامنا الآن رفاهية البكاء، خيارنا هو التماسك والصبر.
التوازن بين العمل والأسرة
وفي جلسة أخرى عقدت بعنوان: “التأرجح بين الأسرة والعمل”، تحدثت الدكتورة ميمونة خليل آل خليل الأمين العام لمجلس شؤون الأسرة بالمملكة العربية السعودية، عن التحديات والفرص الرئيسية التي تواجه الأسر العاملة في سعيها لتحقيق التوازن بين العمل والأسرة، مشيرة إلى أن الأبحاث أثبتت أن ابتعاد الأب والأم لساعات طويلة عن المنزل بسبب العمل، يؤثر على الأسرة.
وتابعت:” بينما نعمل على تمكين الأسر ونطلب منهم توفير حياة أفضل لأطفالهم، علينا أن نتأكد من أننا ندعمهم أيضا عندما يتعلق الأمر بمبادرات مختلفة، بما في ذلك العمل المرن، والتربية النشطة التي باتت تشكل تحديا مع وجود الأدوات الرقمية في أيدي الأطفال. لذا فإننا نعمل الآن على تنظيم ورش العمل والكتب الإرشادية، ووضع أطر للتعلم في مرحلة الطفولة المبكرة، وكذلك السياسات التي تضمن قدرة النساء على العمل من المنزل”.
واختتمت بأن أصحاب العمل يحتاجون إلى إدراك أن هذه السياسات ستجعل المرأة العاملة أكثر إنتاجية، وراحة وتركيزا في العمل، كما توفر لها مساحة أكبر للإبداع وبالتالي للمساهمة بشكل أفضل في التنمية الوطنية.
حماية الكوكب تبدأ من الأسرة
واستكشفت جلسة حوارية انعقدت تحت عنوان: “حماية كوكبنا تبدأ من الأسرة” تأثير التغير المناخي على الأسر، مع التركيز بشكل خاص على آثار الهجرة الناجمة عن المناخ، والأمن الغذائي، وندرة المياه، والقلق حول قضايا البيئة.
وخلال الجلسة أوضحت السيدة ماهينور أوزدمير جوكتاش وزيرة الأسرة والخدمات الاجتماعية في الجمهورية التركية، أن التغير المناخي ينطوي على تداعيات متعددة الأبعاد، لذا فنحن بحاجة إلى التعامل معه وفق مقاربة شاملة.
وأكدت جوكتاش على أهمية تحمل المسؤولية بشكل جماعي، ودعم المؤسسات الحكومية في مختلف البلدان بكوادر بشرية مؤهلة، بالإضافة إلى الدعم المالي اللازم لأجل التوصل إلى حلول ناجعة، كما تبقى الحاجة ماسة لتعزيز التعاون بين مختلف الدول عن طريق تبادل الخبرات والانخراط في تحالف بيئي من خلال وضع سياسات فعالة ومستدامة تستهدف مواجهة التحديات المرتبطة بالتغير المناخي.
تحديات الأسرة من النزوح والحروب إلى الأمن الغذائي
وخلال اليوم الأول من مؤتمر السنة الدولية للأسرة، والذي شهد العديد من الجلسات النقاشية، سلط الدكتور محمد بهناسي خبير بيئي أول في المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ومقره في العاصمة المغربية الرباط، الضوء على ثلاث ظواهر بيئية مترابطة تؤثر على الأسر تتمثل على التوالي في “النزوح الناجم عن المناخ، وانعدام الأمن الغذائي الآخذ في التفاقم بسبب التغير المناخي، وانعدام الأمن بفعل الحروب”.
وشدد على أن هذه التحديات المترابطة باتت تفضي إلى ما نسميه الهجرة المناخية “أي الهجرة التي ترجع أسبابها إلى قضايا بيئية، وتتضخم أكثر بسبب الإجهاد المائي والفيضانات والتصحر وإزالة الغابات”.
الشاشة .. غول الأسرة المرعب
وفي جلسة أخرى عقدت بعنوان: “واقع أوقات الشاشات والأسرة: هل من قسطاس مستقيم؟”، أكدت الدكتورة عبير آل خليفة رئيس التعليم ما قبل الجامعي في مؤسسة قطر، على أهمية التعاون بين الأسرة والمدرسة لضمان بيئة إيجابية للطلاب فيما يتعلق بالتكنولوجيا، لافتة إلى التحديات التي يواجهها أولياء الأمور في هذا الخصوص.
ونبهت إلى أن أولياء الأمور يواجهون تحديات كثيرة من بينها، فجوة الثقة الرقمية، حيث يلاحظ أن هناك فرقا كبيرا بين أولياء الأمور والأبناء من حيث القدرة على استخدام الوسائل التكنولوجية المختلفة أو المنصات الإلكترونية. وأضافت أن التحدي الثاني يكمن في التوقيت المخصص للشاشة، وكيف يمكن التفرقة بين وقت الشاشة المخصص للتعليم ووقت الترفيه. وتابعت الدكتورة عبير آل خليفة:” المدرسة تلعب دورا كبيرا في تعزيز التعاون مع أولياء الأمور ليصبحوا جزءا من رحلة الطالب التعليمية، من خلال إشراكهم في الفعاليات التي تهدف إلى توعيتهم بكيفية استخدام الطلاب للتكنولوجيا في المدرسة”.
وختمت بالقول:” إنه يمكن للمدرسة مساعدة أولياء الأمور في وضع ضوابط لاستخدام التكنولوجيا في المنزل، مما يساعد في تحقيق الهدف المشترك”.
أنشطة لتعزيز التواصل والحوار
وعلى هامش مؤتمر السنة الدولية للأسرة، تنظم العديد من الأنشطة الهادفة إلى تعزيز التواصل والحوار، من خلال “نسيج الأسرة” عبر المشاركة في تجربة صناعة أعمال ثقافية وسط بيئة داعمة للتعاون والإبداع، بالإضافة إلى “مجلس الحكمة”، الذي يدعو لاستكشاف الصلة المشتركة بين التراث والقضايا المعاصرة، إلى جانب الشاشة التفاعلية المتنقلة، التي تشرح كيفية تنفيذ السياسات الأسرية في أجزاء مختلفة من العالم، وملعب عائلي يضم عناصر تعليمية عملية، و”براحة الأسرة” المصممة خصيصا للتواصل بين العائلات وقضاء وقت ممتع.
في الوقت نفسه، جمعت هذه المساحة الحيوية في “ركن النقاش” الراغبين بتبادل أطراف الحديث والتعاون، حيث وفرت للحاضرين فرصة الدخول في مناقشات تفاعلية تحت إشراف مدير حوار أو خبير متمرس، أو الاطلاع على العروض التقديمية وغيرها من العروض الجذابة لشركاء مؤتمر السنة الدولية للأسرة؛ كذلك تضمنت المساحة فعالية: “جلسة مع الخبير”، التي تقع في المنطقة المخصصة لمعهد الدوحة الدولي للأسرة، والتي وفرت فرصة الحديث مباشرة مع خبراء المعهد، بالإضافة إلى “المجلس الشبابي” برعاية مناظرات قطر، وبوابة “مناظرات الدوحة”، إحدى مبادرات مؤسسة قطر العالمية التي وفرت منصة للحوار البناء بين وجهات نظر عالمية متنوعة وحوار منفتح.
اكتشاف المزيد من ماسنجر المسلم
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.