الحكومة البريطانية تخالف قرار المحكمة العليا وتتعهد بتنفيذ خطة ترحيل مهاجرين إلى رواندا
تمسكت الحكومة البريطانية الأربعاء بقرارها للمضي قدما في خطة مثيرة للجدل تنص على إرسال مهاجرين إلى رواندا، رغم رفض المحكمة العليا البريطانية هذه الخطة وتأييدها حكما صادرا عن محكمة أدنى اعتبرها مخالفة للقانون. فيما صدر في حزيران/يونيو 2022 أمر قضائي عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان يمنع أي عمليات ترحيل إلى رواندا لأول دفعة من الأشخاص الذين صدر بحقهم قرار الترحيل، ما فتح الباب للطعون القانونية.
نشرت في:
6 دقائق
تمضي الحكومة البريطانية قدما في تنفيذ خطتها بترحيل مهاجرين إلى رواندا وذلك على الرغم من رفض المحكمة البريطانية العليا هذه الخطة، مؤيدة بذلك حكما صادرا عن محكمة أدنى اعتبرها مخالفة للقانون.
إلى ذلك، وفي ضربة كبيرة لرئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، أيدت لجنة من خمسة قضاة في أعلى محكمة في المملكة المتحدة بالإجماع قرار قضاة محكمة الاستئناف بأن السياسة لا تتوافق مع التزامات بريطانيا بموجب المعاهدات الدولية.
إذ أفاد القضاة “خلصنا إلى أن محكمة الاستئناف.. كانت مؤهلة للتوصل إلى وجود مبررات ملموسة تدفع للاعتقاد بأن إرسال طالبي اللجوء إلى رواندا قد يعرضهم إلى خطر حقيقي بسوء المعاملة”.
هذا، واتفقوا مع حكم المحكمة الأدنى الصادر في حزيران/يونيو الماضي بأن رواندا تمثّل خطرا لجهة إعادة طالبي اللجوء واللاجئين قسرا إلى بلد حيث يمكن أن يعانوا من الاضطهاد.
لكن وبعد ساعات من صدور هذا الحكم، قالت الحكومة إنها ستمضي قدما في وضع اللمسات الأخيرة على “معاهدة جديدة” مع رواندا لمعالجة هذه المخاوف.
ولفت سوناك إلى أنه سيطرح “تشريع الطوارئ” على البرلمان لتصنيف رواندا دولة آمنة لإنهاء “دوامة” الطعون القانونية.
وقال “لن أسمح لمحكمة أجنبية بمنع هذه الرحلات الجوية”، معربا عن أمله في إرسال أول دفعة من المهاجرين إلى رواندا “كما هو مخطط له في الربيع” المقبل.
وأشار أيضا إلى أنه في حال اختارت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان “التدخل في ما يتعارض مع رغبات البرلمان الصريحة، فأنا مستعد للقيام بما هو ضروري لإلغاء الرحلات الجوية”.
ويذكر أنه في وقت سابق الأربعاء، قال وزير الداخلية الذي تم تعيينه مؤخرا جيمس كليفرلي للنواب إن إبرام معاهدة جديدة “سيوضح تماما” للمحاكم البريطانية والأوروبية أن سياسة رواندا “ستكون متوافقة مع القانون الدولي”.
وسيتطلب ذلك من رواندا تقديم التزام قانوني بعدم ترحيل الأشخاص إلى بلدانهم الأصلية.
هذا، وأعلن داونينغ ستريت أن سوناك تحدث مع الرئيس الرواندي بول كاغامي بعد صدور الحكم. وجاء في نص المحادثة الصادر عن مكتب سوناك أن “الزعيمين أكدا التزامهما الثابت إنجاح الشراكة بيننا بشأن الهجرة واتفقا على اتخاذ الخطوات اللازمة لضمان أن هذه سياسة قوية وقانونية وإيقاف القوارب في أقرب وقت ممكن”.
خفض الهجرة “غير الشرعية”
وشدد حزب سوناك المحافظ على أن الخطة ضرورية لخفض الهجرة “غير الشرعية” عبر قناة المانش على متن قوارب صغيرة، وهي قضية يتوقع أن تحتل موقعا بارزا في الانتخابات العامة المقبلة.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا الحكم يلغي الاتفاق الموقع مع رواندا في نيسان/أبريل العام الماضي لإرسال مهاجرين غير مسجّلين إلى مراكز مؤقتة في الدولة الأفريقية، ويسدد ضربة لأجندة رئيس الوزراء المرتبطة بالهجرة.
كما أنه سيؤدي إلى تعميق الانقسامات في صفوف الحزب المحافظ بين النواب اليمينيين المدافعين عن إجراءات متشددة والمعتدلين.
وأمام البرلمان، قال سوناك “إذا اتضح أن إطارات العمل القانونية الداخلية لدينا أو الاتفاقيات الدولية ما زالت تحبط الخطط في هذه المرحلة، فأنا مستعد لتغيير قوانينا وإعادة النظر في هذه العلاقات الدولية”.
وتنص “شراكة الهجرة والتنمية الاقتصادية” على أن يُرسل إلى رواندا أي شخص يقوم بما تصفها الحكومة بـ”رحلات خطيرة أو غير قانونية، على متن قوارب صغيرة مثلا أو شاحنات” باتجاه المملكة المتحدة.
وفي حزيران/يونيو 2022، منع أمر قضائي صدر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أي عمليات ترحيل في حق أول دفعة من الأشخاص الذين كانوا سيرحّلون على متن طائرة متوجهة إلى رواندا، الأمر الذي فتح الباب للطعون القانونية.
وينتقد المعارضون خطة رواندا باعتبارها وحشية ومكلفة ويصعب تطبيقها. أما الحكومة الرواندية فقد أفادت بأنها “تعارض الحكم بأن رواندا ليست بلدا ثالثا آمنا”.
كما تشدد لندن على أن السياسة ضرورية لردع المهاجرين عن عبور قناة المانش من فرنسا على متن مراكب بدائية صغيرة.
“خطة باهظة وغير قابلة للتطبيق”
ويتوقع أن يجدد القرار مطالب يمينيين مثل وزيرة الداخلية السابقة سويلا بريفرمان بأن تنسحب بريطانيا من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وهي فكرة رفض سوناك تأييدها حتى اللحظة.
كما شنّت بريفرمان هجوما لاذعا على سوناك الثلاثاء الماضي بعد يوم على إقالتها، متهمة إياه بـ”الخيانة” في ملف الهجرة وقائلة إن “لا رغبة لديه في القيام بما يلزم”.
وبدوره، رأى نائب رئيس الحزب المحافظ لي أندرسون أن على الوزراء “تجاهل القوانين” وترحيل المهاجرين فور وصولهم. ووصف قرار المحكمة بأنه “يوم قاتم بالنسبة للشعب البريطاني” وأكد أن على الحكومة “تشغيل الطائرات وإرسالهم (المهاجرين) إلى رواندا”.
أما حزب العمال المعارض الرئيسي المتصدر في استطلاعات الرأي، فاتّهم سوناك بالفشل في “وضع أي خطة جدية للتعامل مع عمليات العبور الخطيرة بالقوارب”.
وقالت النائبة إيفيت كوبر “شدد العمال منذ البداية على أن هذه الخطة غير قابلة للتطبيق وباهظة الكلفة”، مضيفة أن الحكومة “فشلت في ضمان وضع سياسة قوية وقابلة للتطبيق”.
ومن جانبهم، رحب محامون متخصصون في مجال الهجرة بقرار المحكمة الأربعاء.
وقال “مجلس اللاجئين” إنه “انتصار لحقوق الرجال والنساء والأطفال الذين ينشدون الأمان بكل بساطة”.
ويشار إلى أن أكثر من 27 ألف شخص قاموا بالرحلة هذا العام، مقارنة بحوالى 46 ألفا في 2022، لكن الأرقام ما زالت بعيدة جدا عن تعهّد سوناك “إيقاف القوارب”.
وتفيد حكومته بأن على الهجرة النظامية وغير النظامية أن تتراجع لتخفيف الضغط على الخدمات الممولة من الحكومة، مثل الرعاية الصحية وتوفير أماكن إقامة لطالبي اللجوء.
وقد بلغ عدد طلبات اللجوء المتراكمة في بريطانيا 122,585، أي أقل بنسبة 12 في المئة عن العدد القياسي المسجل في شباط/فبراير.
وكانت قد مررت حكومة سوناك تشريعا في تموز/يوليو الماضي يحظر على أي قادمين “بشكل غير شرعي” تقديم طلبات لجوء، لكنه يعتمد على إيجاد بلدان ثالثة ليتم إرسالهم إليها. هذا، وتسري تكهنات بأنها ستحاول الآن إبرام اتفاقيات مع بلدان أخرى.
فرانس24/ أ ف ب
اكتشاف المزيد من ماسنجر المسلم
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.