العلامة الحبر يوسف نور الدائم .. مصباح التفسير واللغة والسيرة النبوية
رحل العالم السوداني الحبر البحر، والعالم الكبير واللّغوي العملاق، والمفسر النحرير، والشاعر الماهر، والأديب الأريب البروفيسور الحبر يوسف نور الدائم السوداني عالم من علماء التفسير واللغة والسيرة.
رحل من تنساب سيرة رسول الله من شفتيه وكأنك مع المصطفى صلى الله عليه وسلم رحل الجبل الأشم.. رحل أديب الأدباء.. رحل العالم الذي جمع بين الفقه والأدب والقرآن والسنن وفقه الواقع… رحل من لم يساوم في دينه ولم يخضع لغير ربه… رحل من لم يخش في الله لومة لائم… رحل غير مبدل ولا مغير.
هذه ترجمة يسيرة عن حياة الراحل رحمه الله.
النشأة والرحلة التعليمية
البروفسور الحبر يوسف نور الدائم الإمام هو من مواليد: 1/ إبريل/ 1940م، بقرية الريف الشمالي قرية السروراب في السودان. نشأ في خلوة ثم التحق بالمدرسة الصغر، جعاب جريد 1948م. ثم مدرسة العرب الوسطى في أم درمان ثم أكمل المدرسة الثانوية في وادي سيدنا 1959م.
التحق بجامعة الخرطوم كلية الآداب قسم اللغة الغربية، تخرج منها عام 1964م، بعد نيل درجة الشرف في الجامعة.
ثم ابتعث إلى بريطانيا ( اسكوتلندا) لدراسة الدكتوراه مباشرة، ولم يدرس الماجستير، لأن كان متميًّزًا في مستواه العلمي، فحصل على الدكتوراه سنة 1996م.
رجع إلى السودان فعمل أستاذًا بكلية الآداب، قسم اللغة العربية، جامعة الخرطوم حتى وفاته.
له من البنين أربعة من الذكور وهم: الدكتور: محمد الحبر، وأبو بكر، والدكتور: عمر، وعزام، متوفى، وأربع من الإناث.
شيوخه
تتلمذ على ثلة من العلماء والأساتذة الأفاضل من أبرزهم: البروفسور عبد الله الطيب ، والشيخ عز الدين الأمين، والبروفسور عون الشرف قاسم والبروفسور يوسف فضل حسن، والشيخ صادق عبد الله عبد الماجد.
أبدى العلامة الحبر تميزا في اللغة العربية لفت إليه إهتمام بروفسور عبد الله الطيب فأولاه رعاية خاصة تحولت إلى صداقة متينة بينهما كان يرى فيه الخليفة من بعده ومضى على نهجه في الإعلاء من شأن اللغة العربية حتى أنه قال عندما غادر للتدريس في المغرب تركت فيهم الحبر .
مناصبه وأعماله
عمل الحبر يوسف نور الدائم بـجامعة الخرطوم رئيساً لقسم اللغة العربية حيناً، ثم أستاذًا مشاركًا حيناً آخر، وكان عميدا للمكتبات في الجامعة.
كان عضوا دائما في لجنة التربية والتعليم بالمجلس الوطني من عام 2000م، وحتى عام 2011م.
عمل مشرفًا ومناقشًا لبحوثات الترقية الجامعية.
للراحل أيضا مشاركات وعضويات متعددة من أهمها :
رابطة العالم الإسلامي
مجمع الفقه الإسلامي
مجمع اللغة العربية
مجلس أمناء الزكاة
جائزة الملك فيصل للبحوث.
جامعة القرآن الكريم
التميز في الخطابة
تميز العلامة الحبر يوسف نور الدائم بالفصاحة وحسن الخطابة والبلاغة، يقول أحد تلامذته الدكتور عاطف عثمان علي : “تعلمت منه الكثير في مجال الخطابة أذكر منه في إيجاز :
أولا حسن الاستهلال وما يحتويه الاستهلال من التحميد والتسبيح والثناء على الله عز وجل بما هو أهله وأن يكون الاستهلال مقدمة وتمهيدا للموضوع.
ثانيا: الوضوح والشجاعة والجرأة في النصح وتحمل المسؤولية وأمانة المنبر ولكنه كان حكيما في نصحه، ولم يكن نقده للفساد والاستبداد بالتفصيل المخل الممل وربما قال جملة واحدة ففهم الحاضرون مراده. وهذا أسلوب لا يستطيعه إلا من أخذ بناصية اللغة واستقام لسانه على نهج البلاغة والفصاحة.
ثالثا: الاهتمام بالأدب والبلاغة وتحلية الخطبة بأبيات من شعر العرب المقفى القديم، كيف لا ومعجزة ديننا هو كتاب بليغ وروسولنا أوتي جوامع الكلم وهو أفصح العرب .
رابعا : إشباع الخطبة بآيات القرآن الكريم فالقرآن هو أفضل مايوعظ به وأفضل مايخوف به وأفضل مايرغب وشيخنا الحبر كان رجلا قرآنيا. “
عرف البرفسور الحبر يوسف نور الدائم كخطيب في مسجد الحضراب بمنطقة شمبات لسنوات طويلة، كما عمل خطيبا في مسجد الشيخ دفع الله وعمل خطيبا منتقلا بين مساجد الحولا.
أعماله
للعلامة البروفيسور الحبر يوسف نور الدائم ديوان بعنوان (شعر أنفاس القريض). وقدم للإذاعة السودانية سلسلة حلقات بعنوان (سحر البيان) موضوعها الشعر العربي وموضوعاته. كما قدم لقناة الشروق الفضائية برنامجا من 30 حلقة بعنوان (أحسن الحديث) موضوعه تفسير القرآن الكريم.
له محاضرات متفرقة في موضوعات اللغة العربية وآدابها. وقد كان من أبرز فقهاء اللغة العربية السودانيين.
ومضات من حياته
كان العالمة الحبر يوسف نور الدائم عملاقًا من عمالقة اللغة في السودان، فصيحًا، وأديبًا، وشاعرًا مقدامًا في قول الحق لا يخاف في الله لومة لائم.
شخصيته العملاقة وسمته المهاب والمقدام والصادع بالحق. كان رحمه الله عالم لغة حاذق ، وصاحب فصاحة وبيان ماهر، وهو إلى ذلك شاعر قوي العارضة، ملتزم بطريقة أستاذه عبد الله الطيب وطرائق الشعراء القدامى.
وهو عليم بالقرآن وعلومه ومفسر متدبر لمعانيه وإشاراته، وقد ظل يقدم ولايزال يفعل برنامج( سحر البيان) في تفسير القرآن يوميا، وتفسيره يجري على طريقة علماء اللغة في التفسير، على نهج الزمخشري وابن عطية فمدخله ومفتاحه للتفسير هو اللسان العربي المبين.
ونهج العلامة الحبر الفقهي وسطي يتباعد عن التشديد ويميل للتيسير وتفسيره للقرآن وتأويله يمضي على ذات النهج، وهو أشبه في ذلك بسجيته التي تجانب التكلف وتميل للتلطف وحسن الخطاب.
نفع الله بعلم هذا الجهبذ البروفسور الحبر نور الدائم وأطال على ظاهر الأرض مكوث ظله، وجعله تراثه العلمي تركة مستدامة صالحة لأجيال أبناء المسلمين، وجعل كل ذلك تثقيلا لميزانه يوم تنصب الموازين، فينادى به بإذن الله من أهل القرآن فيومئذ يسعد أهل القرآن ويرتقون إلى نعيم مقيم.
وفاته
توفي العلامة الحبر يوسف نور الدائم رحمه الله تعالى يوم الأحد الخامس من جمادى الأولى سنة ١٤٤٥هج. الموافق ١٩/ ١١/ ٢٠٢٣م، في أم درمان، الخرطوم، السودان. جعل الله مقيله مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. اللهم اغفر له وارحمه واسكنه فسيح جناتك واجعل قبره روضة من رياض الجنة.
رحم الله العلامة الحبر يوسف نور الدائم فقد كان مصباحا من مصابيح التنوير بنور القرآن عسى الله أن يضيء قبره بنور القرآن ويجعل له يوم القيامة نورا، إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
اكتشاف المزيد من ماسنجر المسلم
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.