حماس أم إسرائيل… من المستفيد “عسكريا وسياسيا” من الهدنة الموقتة في غزة؟
تتيح الهدنة في غزة لأربعة أيام بين حماس وإسرائيل والتي دخلت حيز التنفيذ الجمعة، الإفراج عن 50 رهينة محتجزة في القطاع مقابل إطلاق سراح 150 أسيرا فلسطينيا، وهي أيضا بمثابة استراحة محارب من المعارك المستمرة منذ أسابيع. وفيما ستسعى حماس للاستفادة منها عسكريا، فإن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ستبحث بدورها عن غنائم سياسية، كما يوضحه لنا في هذا الحوار، كلايف جونز أستاذ الأمن الإقليمي بجامعة دورهام.
نشرت في:
7 دقائق
دخلت الهدنة المنتظرة بين حماس وإسرائيل حيز التنفيذ صباح الجمعة، وقد تم إبرامها بوساطة قطرية مصرية أمريكية، وقضت بتبادل إطلاق سراح رهائن وأسرى.
وتبدأ الهدنة بالإفراج عن دفعة أولى هم 13 امرأة وطفلا من بين حوالي 240 رهينة تحتجزهم حماس منذ هجومها في 7 أكتوبر/تشرين الأول. كما سيتم بالتزامن إطلاق ما لا يقل عن 150 من السجناء الذين تحتجزهم إسرائيل.
اقرأ أيضا“خلال عام سنقضي عليهم جميعا”… أغنية لأطفال إسرائيليين تدعو إلى “إبادة غزة” تثير الجدل
في السياق، ذكر المفوض الفلسطيني لشؤون الأسرى قدورة فارس بأن الدولة العبرية ستفرج عن 39 أسيرا فلسطينيا، منهم 24 امرأة و15 من الذكور القصر في الضفة الغربية المحتلة أو القدس، وتسلمهم إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سجن عوفر العسكري عند حدود الساعة الرابعة عصرا بالتوقيت المحلي (14:00 بتوقيت غرينتش). في المقابل، ستسلّم حماس 13 امرأة وطفلا على الحدود بين غزة ومصر.
من جهته، أوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري بأن هذا الاتفاق “ينص على وقف كامل للأعمال العدائية لمدة أربعة أيام”.
وقال الأنصاري إن أيام الهدنة الأربعة في غزة ستتيح فترة من الهدوء يمكن خلالها “إطلاق سراح الرهائن في بيئة آمنة”. وأكد الدبلوماسي القطري أنه لن يتم استخدام أي طائرة مسيّرة تحلق فوق أراضي القطاع الفلسطيني خلال هذه الفترة.
كما قال نفس المتحدث إن “هذه الأربعة أيام سيتم خلالها جمع المعلومات حول بقية الرهائن للنظر في إمكانية أن يكون هناك أعداد أكبر من الرهائن يتم الإفراج عنهم وبالتالي تمديد هذه الهدنة”.
لفهم هذه الهدنة وأبعادها والتحديات التي قد تواجهها، حاورت فرانس24 كلايف جونز أستاذ الأمن الإقليمي بجامعة دورهام في بريطانيا.
-
فرانس24: من المستفيد من الهدنة السارية في قطاع غزة؟
كلايف جونز: من الناحية العسكرية، تعتبر هذه الهدنة بالنسبة إلى حماس بمثابة استراحة المحارب. ليس هناك أدنى شك في ذلك. حيث ستمنحها فرصة لإعادة تجميع صفوفها وإعادة التمركز وإعادة دراسة استراتيجيتها. لكن في الجهة الأخرى، فإن وقف إطلاق النار لن ينفع بالضرورة القوات الإسرائيلية بنفس الطريقة التي ستستفيد بها حماس.
لكن يبقى من الصعب على حماس استهداف القوات الإسرائيلية بسبب كون الأخيرة لا تزال لم تفقد زخمها من المنظور العسكري. فهي لا تكتفي بالتمركز في قواعد ثابتة، بل إنها تتحرك بشكل مستمر، ما يمنع حماس من مهاجمتها بسهولة.
كما ينبغي أخذ العامل السياسي للوضع الراهن في عين الاعتبار. حيث إن بنيامين نتانياهو هو تحت الضغط في وقت واحد من قبل عائلات الرهائن وكذلك من الشركاء الدوليين وخاصة الولايات المتحدة على حد سواء. وهو مدرك للوضع في بلاده ولعدم شعبيته. وهكذا فقد انتهى به الأمر إلى إجراء حسابات سياسية. وهو يعتبر بأن وقف إطلاق النار سيكون مفيدا من الناحية السياسية، ليس فقط لإسرائيل، بل على الأرجح له أيضا.
-
كيف يمكن للهدنة أن تؤثر على العمليات العسكرية؟
يتخوّف البعض من أن الهدنة لن توقف زخم الهجوم الإسرائيلي في مدينة غزة ومحيطها. لكن العديد من المراقبين العسكريين هم متفقون على أنه ولغاية اليوم، فقد سارت العملية الإسرائيلية من وجهة نظر عسكرية بحتة بشكل جيد. وقد سمحت بإرباك حماس.
حيث سجل تراجع في عدد الصواريخ التي يتم إطلاقها على إسرائيل. لم يعد يتم إطلاق الصواريخ من قطاع غزة كما كان عليه الحال في بداية الحرب. في هذه الأثناء، شرعت إسرائيل في اجتياح مواقع إطلاق الصواريخ وتحييد أنفاق (حماس).
اقرأ أيضا“ميترو غزة، المدينة الأرضية”.. هل ينجح الجيش الإسرائيلي في تدمير أنفاق حماس؟
ومن ثم، أظن أنه كان هناك نقاش داخل الجيش الإسرائيلي بخصوص مسألة التوقف لفترة عن القتال. لطالما كانت الذريعة دائما هي ضرورة الاستمرار في الضغط العسكري على حماس وعلى جنوب قطاع غزة، بهدف مضاعفة فرص تحرير الرهائن.
-
هل ستستأنف المعارك بين حماس وإسرائيل بعد هذه الهدنة؟
من المرجح أن المعارك ستُستأنف، لكن من المستحيل القول حاليا ما إذا كانت ستكون بنفس العنف كما كانت عليه من قبل. يتوقف ذلك على عوامل عدة، بما فيها نجاح عملية تبادل الرهائن وتفاعل إسرائيل مع الضغوط الدولية، وبشكل خاص من الولايات المتحدة. الرأي العام الأمريكي وخاصة الناخبين الشباب منه، مستاء من مستوى الدمار في غزة. في هذا السياق، فإن الأمريكيين من جانبهم حذرون فيما يتعلق بمخاوف مواطنيهم، بقدر اهتمامهم بتلك المخاوف التي يعبّر عنها على نطاق أوسع بمنطقة الشرق الأوسط من قبل حلفائهم العرب.
هذا، وتجدر الإشارة، إلى أن عدد ضحايا العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة قد ارتفع إلى 14854 قتيلا، بينهم 6150 طفلا، وأكثر من 4 آلاف امرأة حسب آخر حصيلة للسلطات الصحية التابعة لحماس. إضافة إلى ذلك، أصيب 36 ألف شخص.
وفي الضفة الغربية المحتلة، قُتل أكثر من 200 فلسطيني منذ بدء النزاع بنيران الجيش الإسرائيلي أو مستوطنين حسب وزارة الصحة الفلسطينية.
على الجانب الآخر، تسبب الهجوم الذي شنّته حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول، بمقتل 1200 شخص غالبيّتهم مدنيون حسب تل أبيب. كما قُتل ما لا يقل عن 51 جنديا إسرائيليا منذ بدء العملية البرية في غزة.
وصمدت الهدنة التي بدأت صباح الجمعة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة وهي الأولى في الحرب المستمرة منذ 48 يوما ودمرت القطاع لكن الجانبين حذرا من أن الحرب أبعد ما تكون عن نهايتها.
ولم ترد أنباء حتى الآن عن وقوع تفجيرات أو قصف بالمدفعية أو هجمات صاروخية رغم أن الجانبين تبادلا اتهامات بارتكاب انتهاكات منها إطلاق نار متقطع. كما أكد متحدث باسم الجيش الإسرائيلي عدم وقوع أي حادث أو قصف عند الحدود مع لبنان منذ بدء الهدنة في غزة.
ودخلت الهدنة حيز التنفيذ الساعة السابعة صباحا (05:00 بتوقيت غرينتش).
اكتشاف المزيد من ماسنجر المسلم
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.