المغربي الركراكي والتونسي القادري… مدربان يحلمان برفع الكأس الأفريقية
بعد فوز عريض على تنزانيا 3-0، أسقطت الكونغو الديمقراطية المنتخب المغربي في فخ التعادل 1-1 وحرمته من حسم تأهل مبكر إلى ثمن نهائي كأس الأمم الأفريقية 2024. وبعد إنجازه التاريخي في نسخة كأس العالم الأخيرة بقطر، يسعى مدرب “أسود الأطلس” وليد الركراكي إلى الفوز على زامبيا العنيدة وضمان مقعد في الجولة الثالثة. من جهته، يطمح مدرب “نسور قرطاج” التونسي جلال القادري للاستفادة من تجربته في البطولة القارية وانتزاع انتصار لا بديل عنه أمام جنوب أفريقيا الأربعاء. بورتريه مدربين يحلمان برفع الكأس الأفريقية.
بعد قيادة منتخب بلاده لتحقيق إنجاز تاريخي واحتلال المركز الرابع في نهائيات كأس العالم 2022، بات على المدرب المغربي وليد الركراكي استثمار جيله الذهبي من أصحاب الخبرات والشباب الطامحين للظفر بكأس الأمم الأفريقية 2024. ويسعى “أسود الأطلس” إلى الفوز على زامبيا وحسم صدارة المجموعة السادسة خلال لقائهما الأربعاء على ملعب لوران بوكو في سان بيدرو ضمن الجولة الثالثة الأخيرة من الكأس القارية. من أجل تحقيق ذلك، يعول المغاربة على خبرة الركراكي، ويعقدون عليه آمالهم لتحقيق اللقب الغائب منذ عام 1976.
من باريس إلى الرباط
ولد وليد الركراكي في سبتمبر 1975 بمنطقة كوربي إيسون جنوب العاصمة الفرنسية باريس، لذا فهو يحمل الجنسيتين الفرنسية والمغربية. تدرب المدافع في نادي المدينة حيث مسقط رأسه، ثم انتقل إلى “آر سي” باريس في عام 1999، ولم يلعب سوى في صفوف خمسة أندية خلال مسيرته الاحترافية، أربعة منها في فرنسا (تولوز، إيه سي أجاكسيو، ديجون وغرونوبل). كما لعب لمدة ثلاث سنوات في راسينغ سانتاندير الإسباني، بين سنتي 2004 و2007.
أنهى الركراكي مسيرته الاحترافية سنة 2010، مع استمراره في اللعب في قسم الهواة بنادي فلوري ميروجي الأمريكي، قبل أن يحصل عقبها على شهاداته في مجال التدريب.
في كانون الثاني/يناير 2001، قرر الركراكي، الذي يملك جنسية مزدوجة، اللعب لمنتخب بلد والديه، فشكل إلى جانب يوسف حجي وعبد السلام وادو ونور الدين النيبت وطلال القرقوري، مجموعة متميزة ساهمت في بلوغ المنتخب المغربي نهائي كأس الأمم الأفريقية سنة 2004 في تونس. لينتهي حلم الفوز على يد نسور قرطاج بنتيجة 1-2.
على الرغم من أنه شارك في البطولة القارية مرتين (2004 و2006)، إلا أنه لم يلعب مطلقا في نهائيات كأس العالم، إذ لم يتأهل المغرب إليها بين عامي 1998 و2018.
لعب المدافع 45 مباراة دولية، سجل خلالها هدفا واحدا، آخرها يعود إلى حزيران/يونيو 2009.
اختيارات محل تساؤلات
خلال تقديم تشكيلته لنهائيات كأس الأمم الأفريقية 2024 في ساحل العاج، كان مهاجم الاتحاد السعودي عبد الرزاق حمد الله أبرز المستبعدين. وبالمجمل، غاب عن المنتخب 11 لاعبا ممن ساهموا في قيادة المغرب نهاية 2022 كي يكون أول بلد عربي وأفريقي يصل إلى نصف نهائي كأس العالم.
وفق محللين رياضيين، يعود غياب أكثر هؤلاء إلى تراجع أدائهم، فيما يغيب بعضهم الآخر للإصابة على غرار زكريا بوخلال.
ما أثار الجدل حول طبيعة اختيارات الركراكي أيضا استدعاؤه لاعب بايرن ميونيخ الألماني نصير مزراوي إلى اللائحة النهائية على الرغم من إصابته في الفخذ وغيابه عن الملاعب منذ منتصف شهر كانون الثاني/يناير الجاري، وقد علل الناخب قراره بالقول “استدعيت نصير لأنه لاعب مهم بالنسبة لنا، حضوره معنا كان أمرا ضروريا، طبيب المنتخب المغربي سافر مؤخرا إلى ميونيخ، الآن لا خوف على إصابة مزراوي”. وتابع “سنحاول تجهيزه في الأيام المقبلة، سواء حضر في المباراة الثانية أو الثالثة، سيكون مفيدا بالنسبة لنا، وسنستفيد منه إن شاء الله إذا تأهلنا إلى الدور الثاني”.
وفق المحلل الرياضي حمزة الشتيوي، فاختيارات المدربين لا تحظى دائما بالإجماع، لكن وليد الركراكي بات يتمتع بنوع من الحصانة بفضل النتائج الجيدة التي حققها مع المنتخب المغربي.
في المقابل، أضاف المحلل أنه من الناحية الموضوعية التقنية تطرح كثير من اختيارات الناخب المغربي بخصوص إشراك عدد من اللاعبين تساؤلات، منها مثلا إشراكه سفيان بوفال في مباراة زامبيا وهو الذي يفتقد للجاهزية والتنافسية منذ فترة طويلة، واعتماده أيضا على محمد الشيبي ظهيرا أيسر في المباراة الثانية علما أن ذلك ليس مركزه، ثم إصراره على الاحتفاظ به داخل الملعب على الرغم من حصوله على إنذار، ما اضطره إلى اللعب بتحفظ كبير، في حين كان بإمكانه الزج بمدافع آخر مثل شادي رياض.
من جهة أخرى، يرى الشتيوي أن الركراكي تأخر في التغييرات التي لم تؤت نجاعة كبيرة خلال مباراة المغرب أمام الكونغو الديمقراطية، الأمر الذي جعله يخسر معركة خط الوسط، إضافة أيضا إلى استحضار عامل الطقس الذي كان مؤثرا.
بالنسبة للركراكي، فلا مكان للعاطفة في خياراته “بدليل أن 11 لاعبا شاركوا في مونديال قطر 2022 يغيبون في اللائحة الحالية” وفق تصريحه.
مساعد مدرب طموح
قبل أن يصبح مدربا، كان الركراكي لاعبا، ولكنه كان أيضا مساعدا للمدرب. ففي أيلول/سبتمبر 2012، قرر الناخب المغربي حينها رشيد الطاوسي ضمه إلى طاقمه الفني. إذ اشتغل الثنائي إلى جانب بعضهما حتى تشرين الأول/أكتوبر 2013، بعد إقصاء المغرب في التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2014.
بعد إقالة وحيد خاليلوزيتش إثر انتقادات طالت طريقة تدريبه “أسود الأطلس”، اختاره فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، كي يكون المغربي الرابع عشر الذي يدرب منتخب بلاده منذ سنة 1957.
تجربة مهمة
ولد القادري في مدينة توزر في تونس في 14 كانون الأول/ديسمبر 1971، ولم يسبق أن لعب لمنتخب تونس، لكنه لعب ضمن صفوف نادي الأمل الرياضي التونسي بجربة ميدون، ولفريق جريدة توزر مسقط رأسه، ثم في نادي الأمل الرياضي بحمام سوسة.
راكم القادري تجربة مهمة في عالم التدريب ساهمت في بناء شخصيته الرياضية، إذ سبق أن تواجد في عدد من الأجهزة الفنية للمنتخبات الوطنية التونسية، فتولى عام 2007، تدريب المنتخب الأولمبي التونسي، وبعد ست سنوات، كان مساعدا لنبيل معلول في المنتخب الأول، وفي عام 2021 انضم إلى طاقم تدريب منذر لكبير في نسور قرطاج، قبل أن يولى القيادة بعد كأس أمم أفريقيا.
اقرأ أيضاكأس الأمم الأفريقية: تعرفوا على ترتيب المنتخبات في دور المجموعات
لقاء حاسم
اليوم، لا يزال القادري يمني النفس بالاستمرار في البطولة قبل ساعات من اللقاء الحاسم أمام جنوب أفريقيا.
وفي حال الخسارة أو التعادل ستغادر تونس البطولة من دور المجموعات للمرة الأولى منذ 2013، علما أنها تشارك للمرة الـ16 تواليا وحققت المركز الرابع في 2019.
جلال القادري: تعيين في ظروف استثنائية
إذا كان المغرب قد حسم مبدئيا تأهله، فإن تونس، بطلة 2004، تأمل في تفادي خروج مبكر عندما تلاقي جنوب أفريقيا الأربعاء في مجموعة خامسة ضمنت مالي التأهل عنها قبل أن تخوض المباراة الثالثة.
وتتصدر مالي الترتيب برصيد أربع نقاط متقدمة بفارق نقطة عن كل من جنوب أفريقيا وناميبيا، فيما تقبع تونس في المركز الرابع مع نقطة واحدة، إذ لا يملك مدربها جلال القادري خيارا سوى الفوز لتفادي الخروج المبكر من البطولة.
بعد أن كان مساعدا للمدرب نبيل معلول عام 2013، ظل جلال القادري كذلك رفقة منذر الكبير.
خلال نهائيات النسخة السابقة من كأس الأمم الأفريقية بالكاميرون، برز اسم القادري بشكل أقوى على الساحة الرياضية الأفريقية في ظروف استثنائية، إذ سيتذكر مدرب النادي الرياضي البنزرتي سابقا يوم الأحد 23 كانون الثاني/يناير 2022 في أرض الأسود غير المروضة لفترة طويلة. في ذلك اليوم، سنحت له الفرصة أن يتولى قيادة “نسور قرطاج” بسبب غياب المدرب منذر الكبير بسبب إصابته بفيروس كوفيد-19.
في دور الـ16، فاز منتخب تونس على نيجيريا، لكن في الدور ربع النهائي خسر أمام بوركينا فاسو، وبعد ذلك قرر الاتحاد التونسي إقالة المدير الفني منذر لكبير، وتعيين جلال القادري رسميا في منصب مدرب نسور قرطاج.
بعد أن أصبح مدربا للمنتخب في 30 كانون الثاني/يناير، قاد القادري تونس للتأهل لكأس العالم بالدوحة في قطر، إثر نجاحه في تحقيق الفوز بهدف نظيف خارج الديار، وتعادل على ملعبه سلبيا، خلال التصفيات الأفريقية المؤهلة للبطولة.
اعتماد على الخبرة
يعتمد القادري على تشكيلة لاعبين من أصحاب الخبرات في أوروبا والدوريات العربية على رأسهم الظهير علي معلول، لاعب الأهلي المصري، ولاعب الوسط عيسي العيدوني المحترف في أونيون برلين الألماني، وأيضا صانع اللعب يوسف المساكني والمهاجم طه ياسين الخنيسي.
لتعزيز التشكيلة، أضاف القادري مجموعة من الشبان على غرار المدافعين يان فاليري وعلاء غرام، ولاعب الوسط أنيس بن سليمان والمهاجمين سيف الله لطيف إلياس عاشوري.
مثل الركراكي، استبعد القادري 11 لاعبا من التشكيلة التي استدعاها لمونديال قطر لأسباب فنية وأخرى متعلقة بالإصابة أو الاعتزال، من بينهم لاعب الوسط حنبعل المجبري بطلب منه والظهير محمد دراغر.
ولم يخض المجبري سوى 10 مباريات في صفوف يونايتد هذا الموسم بعد عودته من إعارة مع برمنغهام في دوري تشامبيونشيب وسجل هدفا واحدا بإشراف المدرب الهولندي إريك تن هاغ.
وقال القادري في مؤتمر صحافي لدى إعلان تشكيلته الرسمية “حنبعل قال لي بأنه لا يشعر بأنه جاهز لخوض كأس الأمم الأفريقية لأنه يعيش وضعية صعبة في ناديه”.
حمزة حبحوب
اكتشاف المزيد من ماسنجر المسلم
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.