في غارة نادرة الحدوث.. مقتل ثلاثة فلسطينيين في ضربة لمسيرة إسرائيلية بالضفة الغربية مع تصاعد العنف
قتلت طائرة مسيرة إسرائيلية ثلاثة مسلحين في الضفة الغربية الأربعاء، في غارة نادرة الحدوث، جاءت بعد ساعات من هجوم مستوطنين على قرى فلسطينية وإضرامهم النيران في سيارات ومبان، ردا على هجوم شنه فلسطينيون أمس. وجاءت الضربة بالقرب من مدينة جنين في غمرة تفاقم أعمال العنف خلال الأيام القليلة الماضية في الضفة الغربية، حيث يقوم الجيش منذ أكثر من عام بعمليات تمشيط دورية أدت إلى توتر الاشتباكات مع مقاتلين فلسطينيين. وذكر بيان لحركة الجهاد الإسلامي أن اثنين من الرجال الثلاثة ينتمون للحركة، والثالث من كتائب شهداء الأقصى، الجناح العسكري لحركة فتح.
في ضربة نادرة بواسطة مسيرة، قتل الجيش الإسرائيلي الأربعاء 3 مسلحين فلسطينيين في الضفة الغربية، وذلك في خضم تصاعد أعمال العنف.
وجاء إعلان الجيش الإسرائيلي عن الضربة بعيد مقتل فلسطيني الأربعاء، وسط هجمات شنها مستوطنون ضد قرية ترمسعيا في شمال شرق الضفة الغربية المحتلة، على ما أكدت وزارة الصحة الفلسطينية.
وأفاد بيان الجيش الإسرائيلي بأن قواته استهدفت “سيارة مشبوهة” كان يستقلها مسلحون نفذوا عملية إطلاق نار بالقرب من منطقة الجلمة قرب مدينة جنين.
وذكر بيان لحركة الجهاد الإسلامي أن اثنين من الرجال الثلاثة ينتمون للحركة، والثالث من كتائب شهداء الأقصى، الجناح العسكري لحركة فتح.
وهذه هي المرة الأولى التي يوجه فيها الجيش الإسرائيلي ضربة كهذه في الضفة الغربية منذ العام 2006 وانتهاء الانتفاضة الثانية، وفق ما أفاد مصدر في جهاز الاستخبارات الفلسطيني لوكالة الأنباء الفلسطينية.
وحسب المصدر، فإن آخر مرة استخدم فيها الجيش الإسرائيلي الصواريخ الموجهة من الطائرات كانت في التاسع من آب/أغسطس 2006.
في وقت سابق، قدر أهالي ترمسعيا تعرض القرية لهجوم شارك فيه ما بين 200 و300 مستوطن.
واحترق في القرية منازل ومركبات، فيما أجلت سيارات الإسعاف عشرات الجرحى.
وقال عوض أبو سمرة، وهو من سكان القرية، لوكالة الأنباء الفرنسية: “أطلق المستوطنون علينا عيارات نارية، وعندما حضرت الشرطة والجيش الإسرائيلي أطلقوا علينا الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع”.
وأكد رئيس بلدية القرية لافي أديب، أن 35 منزلا تضررت، كما أحرقت نحو 50 مركبة، وأشعلت النيران في محاصيل وأراض زراعية.
وقال لافي لوكالة الأنباء الفرنسية: “نحن في ترمسعيا مستهدفون، يوما بعد يوم، من قبل البؤر الاستيطانية العدوانية التي أقيمت هنا”.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان مقتضب: “وصول شهيد إلى مجمع فلسطين الطبي من ترمسعيا بعد إصابته برصاصة في الصدر”.
وأعلنت الوزارة في بيان لاحق ارتفاع حصيلة الإصابات في ترمسعيا إلى “12 إصابة، بينها إصابة بالغة الخطورة”.
من جانبه، قال الجيش الإسرائيلي إن قواته دخلت إلى ترمسعيا “لإخماد الحرائق، ومنع الاشتباكات، وجمع الأدلة”، بعد أن “أحرق مدنيون إسرائيليون مركبات وممتلكات الفلسطينيين”.
وجاء في بيان للشرطة الإسرائيلية أن “عشرات الفلسطينيين استهدفوا عناصرها” بعدما حاولوا حماية عناصر الإطفاء.
وأشار البيان إلى أن طلقة أطلقت باتجاه العناصر، الذين بادر أحدهم للرد بإطلاق النار “باتجاه مهرب يشتبه بأنه أطلق النار عليه”.
“صلينا”
وفي تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية، قال محمد زكريا عبدالله، وهو فلسطيني-أمريكي يزور الأراضي الفلسطينية وافدا من شيكاغو: “رأيت مجموعة من الأشخاص الملثمين يحاولون رشق المنزل بالحجارة”.
وتابع: “أقفلنا كل الأبواب. وهرعنا إلى الطابق السفلي. اختبأنا وصلينا لكي نخرج سالمين”، وأشار إلى مقتل أحد أقربائه بطلق ناري خلال الهجوم.
بعد وقوع أعمال العنف، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في فيديو نشر على فيسبوك: “هناك أيام حيث ينبغي قول ما هو بديهي، ألا وهو أن دولة إسرائيل هي عبارة عن دولة قانون. إن مواطني إسرائيل أجمعين ملزمون باحترام القانون”، مؤكدا: “لن نقبل بالتصرفات المعربدة” في الضفة الغربية.
وجاء تصاعد العنف بالتزامن مع تشييع فلسطينيين وإسرائيليين قتلاهم، بمن فيهم فتية من الجانبين، إثر تجدد دائرة العنف.
وقتل 4 إسرائيليين وأصيب 4 آخرون بجروح إصابة أحدهم خطرة، في هجوم مسلح الثلاثاء قرب مستوطنة عيلي بين مدينة رام الله ونابلس. وقال الجيش الإسرائيلي إنه تم إطلاق النار وتحييد مهاجمين، أحدهما في مكان الهجوم، والآخر بعد فراره.
نفذ الهجوم غداة مقتل 7 فلسطينيين، 6 منهم خلال عملية عسكرية للجيش الإسرائيلي في مدينة جنين في شمال الضفة، أسفرت عن إصابة العشرات بجروح بينهم أكثر من عشرين إصابة بين خطرة وحرجة. وقتل شاب فلسطيني آخر قرب بيت لحم في جنوب الضفة الغربية المحتلة.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية الأربعاء “استشهاد الفتاة سديل غسان نغنغية (15 عاما) “متأثرة بإصابتها قبل يومين (الاثنين) برصاص الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانه على جنين”.
وفي خطوة لافتة، حملت رفيقات سديل وبنات صفها، وهن يرتدين زيهن المدرسي والدموع تنهمر من أعينهن، جثمانها على أكتافهن، بعد أن وضعن فوقه ثوبها المدرسي ولف بالعلم الفلسطيني، وفق فيديو تناقلته وسائل الإعلام.
وجاء في بيان أصدره مكتب نتانياهو، أن الحكومة ستسرع وتيرة توسيع مستوطنة عيلي، ردا على الهجوم الذي استهدف إسرائيليين الثلاثاء.
وتابع البيان: “إن ردنا على الإرهاب هو بضربه بقوة وببناء بلدنا”، وذلك بعد دعوات أممية عدة لإسرائيل لوقف بناء المستوطنات.
قلق أمريكي
وعبرت الولايات المتحدة عن “قلقها العميق” إزاء تصعيد أعمال العنف في الضفة الغربية، مؤكدة أن تقارير عن هجوم شنه إسرائيليون على قرية فلسطينية “مقلقة”.
كما أدانت الخارجية الأردنية في بيان الأربعاء “بأشد العبارات اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين على عدد من القرى في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مطالبة بوقفها فورا”.
واعتبرت منظمة السلام الآن المناهضة للاستيطان، أن تصريحات نتانياهو ما هي إلا محاولة “لإرضاء المستوطنين الحانقين، بينما يعاني الفلسطينيون حقا من عواقب مثل هكذا قرارات، في وقت تتعرض فيه قراهم للاعتداءات والحرق”.
بالإضافة إلى الهجوم الذي شهدته ترمسعيا، سجلت الثلاثاء هجمات في بلدات فلسطينية عدة.
وارتفعت حصيلة قتلى الهجمات والمواجهات والعمليات العسكرية منذ مطلع كانون الثاني/يناير وحتى الثلاثاء إلى ما لا يقل عن 171 فلسطينيا، و25 إسرائيليا وأوكرانية وإيطالي.
ويعيش في الضفة الغربية من دون القدس الشرقية، نحو 2,9 مليون فلسطيني، بالإضافة إلى أكثر من نصف مليون مستوطن يهودي في مستوطنات تعتبر غير قانونية بموجب القانون الدولي.
وتحتل إسرائيل الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، منذ العام 1967.