قاذفات أمريكية في السويد ورومانيا وأسلحة نووية روسية في بيلاروسيا.. تصعيد أو استعراض للقوة؟
نشرت موسكو أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا لأول مرة منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، حسبما أعلنت مينسك في 14 يونيو/حزيران. بالموازاة، يستكمل حلف الناتو مناوراته الجوية الأكبر على الإطلاق “إير ديفندر 23″، والتي شهدت نشر قاذفتين استراتيجيتين أمريكيتين حلّقتا لأول مرة في رومانيا، وفي السويد التي أعلنت أنها ستنشئ قاعدة عسكرية خصيصا لهذه الطائرات. فهل تأتي هذه التطورات في سياق التصعيد المستمر على خلفية الحرب في أوكرانيا، أم أنها مجرد استعراض آخر للقوة؟
نشرت في:
تنتهي الجمعة المناورات العسكرية الأكبر التي يجريها حلف شمال الأطلسي بتنسيق من ألمانيا، لإظهار وحدة أعضائه في مواجهة التهديدات المتوقعة خصوصا من روسيا في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا.
وكانت مناورات الدفاع الجوي “إير ديفندر 23” بدأت في 12 يونيو/حزيران بمشاركة 250 طائرة عسكرية من 25 دولة عضو في الناتو، هي بلجيكا، بلغاريا، الدانمارك، ألمانيا، إستونيا، فنلندا، فرنسا، اليونان، إيطاليا، كرواتيا، لاتفيا، ليتوانيا، هولندا، النرويج، بولندا، رومانيا، سلوفينيا، إسبانيا، جمهورية التشيك، تركيا، المجر، الولايات المتحدة، وبريطانيا، فيما أوضحت وكالة الأنباء الفرنسية أن اليابان ستشارك أيضا في هذه التدريبات وكذلك السويد المرشّحة لعضوية الناتو.
-
“رسالة إلى روسيا وبوتين”
كما شارك ما يصل إلى 10 آلاف شخص في المناورات التي تهدف إلى تعزيز توافقية التشغيل والحماية من الطائرات المسيّرة وصواريخ كروز في حال وقوع هجوم على المدن أو المطارات أو الموانئ الواقعة على الأراضي الأطلسية.
وكان التحالف قد أطلق هذه الصيغة من التدريبات العسكرية المشتركة في 2018 ردا على ضم روسيا شبه جزيرة القرم في 2014، رغم أنها لا تستهدف “أي طرف” بالتحديد، وفق ما قال الجنرال إينغو غيرهارتس قائد القوات الجوية الألمانية مؤخرا خلال عرضه للتمرين، حسبما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية.
لكنها توجه رغم ذلك رسالة خصوصا إلى روسيا، وفق سفيرة الولايات المتحدة في ألمانيا إيمي غوتمان، التي قالت للصحافة: “سأكون مندهشة جدا إن لم يُلاحظ أي زعيم في العالم ما يظهره هذا لناحية روح هذا التحالف وماذا تعني قوة هذا التحالف، وهذا يشمل بوتين”.
هذا، وتشمل هذه المناورات تدريبا عملياتيا وتكتيكيا، خصوصا في ألمانيا وأيضا في جمهورية التشيك وإستونيا ولاتفيا، وفق نفس الوكالة.
-
قاعدة لقاذفات “بي-1 لانسر” في السويد
ولعل أبرز ما ميّز هذه المناورات، هو مشاركة قاذفتين إستراتيجيتين أمريكيتين من طراز “بي-1 لانسر” الأسرع من الصوت والقادرة على حمل رؤوس نووية، حسبما أعلن الناتو مشيرا إلى أنهما حطتا في قاعدة ميخائيل كوجالنيسينو العسكرية في رومانيا.
وأوضح الحلف في بيان، بأن القاذفتين واللتين تتمركزان في قاعدة دايس الجوية بولاية تكساس، قد “دخلتا مسرح العمليات في 23 مايو/أيار للاندماج مع الحلفاء والشركاء الذين نفّذوا مهام شرطة حماية الأجواء التابعة للناتو في كافة أنحاء منطقة بحر البلطيق. بما يعزز قدرات الحلف للدفاع المشترك”.
إضافة لتلك المهام، أجرت القاذفتين الأمريكيتين تدريبا مشتركا مع القوات الجوية في لاتفيا، قبل أن تنفذا تحليقا على علو منخفض في سماء العاصمة ريغا، حسبما أعلنت وزارة الدفاع اللاتفية.
كذلك، أعلنت وزارة الدفاع السويدية في بيان الثلاثاء، بأن قاذفتين أمريكيتين من “طراز بي-1 لانسر” قد هبطتا في مطار “لوليا كالاكس” لأول مرة. وقالت الوزارة إن هذا “الحدث التاريخي” يأتي في أوقات عصيبة وفيما تنتظر الدولة الإسكندنافية أن تحصل على عضوية الناتو.
وأكد نفس المصدر أنه قد تم “إجراء تدريبات مشتركة مع قاذفات القنابل بما يشمل المرافقة والاتصال والعمل على الأسلحة.. الآن سنتخذ الخطوة التالية في تعاوننا من خلال إنشاء قاعدة لطائرات ‘طراز بي-1 لانسر’ على الأراضي السويدية”.
För första gången i modern tid har amerikanska bombflygplan landat i Sverige. ???? #svfm Amerikanska bombflyg baserar i Luleå https://t.co/8gMOAOceQY
— Försvarsmakten (@Forsvarsmakten) June 20, 2023
-
روسيا تنشر أسلحتها النووية لأول مرة منذ انهيار الاتحاد السوفياتي
بالتزامن مع مناورات الناتو، قرّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تنفيذ تهديداته السابقة بنشر أسلحة نووية في بيلاروسيا، حيث أعلن نظيره البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو في 14 يونيو/حزيران، بأن بلاده قد بدأت فعلا في تسلم تلك الأسلحة.
>> اقرأ أيضا : هل الجيش الروسي قادر فعلا على تدمير دول الناتو “في نصف ساعة” إذا نشبت حرب نووية؟
وقال لوكاشينكو إنه لن يكون هناك أي تردد في استخدامها إذا لزم الأمر.
وهذه المرة الأولى التي تُحرك فيها موسكو أسلحة نووية يمكن استخدامها في ساحة المعركة خارج حدودها منذ انهيار الاتحاد السوفياتي. وكان بوتين قال في 16 يونيو/حزيران إن بلاده يمكن “نظريا” أن تستخدم الأسلحة النووية في حال وجود تهديد لسلامة أراضيها أو وجودها.
لتسليط الضوء أكثر على أهداف مناورات “إير ديفندر 23” وخلفيات وتداعيات إقحام القاذفات الأمريكية، وعلى نشر الأسلحة النووية في بيلاروسيا، وتداعيات هذه التطورات على ميزان القوى العسكري، ومدى كونها تصعيدا أو مجرد استعراض للقوة، حاورت فرانس24 د. مينا عادل باحث مختص في الشؤون العسكرية ومحرر الطيران الحربي في مجلة سكرامبل الهولندية.
-
ما السيناريوهات التي تحاكيها مناورات الناتو “إير ديفندر” 2023 وما أهدافها؟
جوهر التدريب هو اختبار حقيقي لقدرات القيادة والسيطرة على التشكيلات الجوية المختلفة في أوروبا، وتحقيق مفهوم سرعة الحشد والانتشار الجديد الذي تم ابتكاره في 2020 والمعروف باسم ACE، لنقل تشكيلات ومفارز جوية مختلفة من سلاح الجو الأمريكي لدعم أسلحة الجو الأوروبية، أو حتى تكليف تشكيلات جوية أوروبية بالانطلاق من قواعدها لتقوم بمهمات قتالية دفاعية، لتأمين الأجواء وبالأخص القواعد الجوية التي تضم القنابل النووية.
يتم التدرب عليها بشكل منتظم في مناورات Steadfast noon، أو المهمات الهجومية في شرق ووسط أوروبا وقد تجلى ذلك في تدريبات الدول الإسكندنافية الأقرب لروسيا Arctic challenge 2023 بمشاركة 150 طائرة ليس فقط من دول المنطقة ولكن أيضا من مختلف أسلحة الجو الأوروبية.
Two @usairforce?? strategic bombers joined in a counter-martime mission involving the USS Gerald R. Ford as part of Exercise Arctic Challenge 23
The B-1B Lancers joined #NATO & Partner aircraft in the High North enhancing combined air & maritime integration opportunities pic.twitter.com/Romdz0MOnE
— NATO Air Command (@NATO_AIRCOM) June 6, 2023
وفي الأخير يأتي التدريب الجوي (إير ديفندر 23) ليكون التطبيق الفعلي لتفعيل البند الخامس للناتو للدفاع عن الحلف في حال الاعتداء على أحد الدول بمشاركة 250 طائرة.
وبالنسبة إلى أبرز السيناريوهات التدريبية المتوقعة بجانب مهمة الدفاع الجوي ضد المقاتلات والقاذفات بأنواعها والصواريخ والمسيّرات، يمكن أن نلخصها في نقطتين: أولا: مهمات الاقتحام الجوي ضد القوات المعادية في بيئة دفاع جوي مكثّفة وتشويش إلكتروني يعيق العمليات القتالية، وستتضمن تشكيلات من المقاتلات التي تحمي طائرات النقل وتشكيلات تحييد الدفاعات الجوية وحتى طائرات الدعم الأرضي. وثانيا: مهمات الدفاع ضد السفن والغواصات في بحر البلطيق بواسطة طائرات الدورية البحرية والمقاتلات المتعددة المهام.
-
ما أهمية ورمزية نشر القاذفات الأمريكية الإستراتيجية في السويد ورومانيا؟
لعلّ الحدث الأهم في هذه المناورات هو إشراك القاذفات الإستراتيجية من طراز “بى 1 لانسر”، والتي أصبحت العنصر الأساسي في أي مسرح عمليات وكانت جزءا هاما في تدريبات Arctic challenge. أما في التدريبات الحالية، فقد قامت بالفعل بتنفيذ عملية تزويد سريع بالوقود في رومانيا لتقليل الوقت المطلوب للطيران، بجانب أنها حلّقت مؤخرا فوق السويد وقريبا ستكون فوق فنلندا. تتسلح هذه الطائرات غالبا بمختلف أنواع القنابل الموجّهة مختلفة الرؤوس القتالية، ولكن الأهم على الإطلاق هي الصواريخ من طراز (Jassm) للهجوم بعيد المدى لإصابة الأهداف بدقه كبيرة.
درس اليوم :
عن اهميه سلاح القاذفات الاستراتيجيه بعيده المدي
بالنسبه للناتو مؤخرا تشترك القاذفات من طراز (بي ١ ) في مناورات سويد ورومانيا وتستطيع حمل قنابل ال JDAM وصواريخ كروز شبحيه JASSAM
اما الجانب الروسي فاشتركت مؤخرا قاذفات تو ٢٢ المطوره بصواريخ
(Kh22/32) فوق البطليق pic.twitter.com/CcQ9EHOMfX— Mena Adel (@EagleMena) June 21, 2023
أما تكتيكيا، فيتمثل دورها في سرعة تقديم الدعم للقوات الأرضية، أو البحرية، أو تنفيذ الضربات الاستباقية، أو عرقلة وسائل الدعم المعادية في حالة السيناريو الدفاعي.
-
هل قرار بوتين نشر أسلحة نووية في بيلاروسيا هو للردع أو للتصعيد؟
بالطبع، هو رادع لأي محاولة أوروبية لتهديد الأراضي الروسية أو البيلاروسية والتي تتمثل باقتراب طائرات التدريب بصورة كبيرة، عبر أجواء الدول المجاورة في تدريب الناتو الضخم، خصوصا رومانيا، فنلندا، إستونيا، وليتوانيا. لذلك يتمثل الدعم الروسي في صواريخ الإسكندر أو حتى المقاتلات والقاذفات القادرة على حمل ذخائر متنوعة الشحنات، أو توليف الطائرات الموجودة في سلاح الجو البيلاروسي من طراز سو 30 المقاتلات متعددة المهام وقاذفات سو 25 للدعم الأرضي. وهي نسخ مطوّرة محليا من كلتا الطائرتين قادرة على تنفيذ مهام مختلفة يتم التدرب عليها سنويا من خلال المناورات المعروفة باسم ZAPAD.
>> اقرأ أيضا : الحرب في أوكرانيا: عام من التهديدات باستخدام السلاح النووي
-
هل هناك احتمال أن تنشر روسيا مزيدا من الأسلحة النووية في دول أخرى؟
ليس متوقع أن يتم ذلك بسبب حساسية ومحاذير استخدام مثل هذه الأسلحة، لكن المتوقع هو أن يتم دمج هذه الأسلحة على الوحدات القتالية الموجودة فعلا في مناطق متفرقة حول العالم عبر الطائرات والمنظومات الصاروخية، أو حتى جناح الطائرات القاذفة الإستراتيجية بعيدة المدى من طراز (تو 95 و22 و160) والتي لها دور حيوي وفعّال في الحرب الجارية في أوكرانيا، أو حتى أي مسرح عمليات كذراع طولي لسلاح الجو الروسي.
-
كيف يمكن مقارنة الإستراتيجية العسكرية لروسيا وحلف الناتو؟
تميل الإستراتيجية الأساسية للقوات الروسية إلى الدفاع. وهي ترتكز على منظومات وتشكيلات متخصصة في هذه المهمة، تتمثل في أسلحة الدفاع الجوي الطبقية بمختلف المديات (Missiles Range) والأنواع، يتم تعزيزها بالمقاتلات المتطورة، وفي الأخير تقوم بتغطية رادارية ودعم وتشويش إلكترونيين. أما بالنسبة للشكل الهجومي، فهو يعتمد بالشكل الرئيسي على الصواريخ بمختلف المديات من مختلف المنظومات الجوية والبرية والبحرية والطائرات بدون طيار أو ما يعرف باسم (A2/AD) بجانب العنصر الأساسي الذي يتمثل في التكيف على المعركة بشكل سريع.
في المقابل، تميل الإستراتيجية الأساسية للناتو إلى الهجوم. وهي ترتكز على التشكيلات الجوية والصواريخ لتحقيق مبدأ السيطرة الجوية المتكاملة والذي هو الضامن الوحيد لإتمام كافة المهمات بنجاح، من خلال دمج التشكيلات الجوية المختلفة ومن ضمنها التشكيلات الأمريكية بشكل أساسي، والتي سيكون لها دور كبير في أصعب مهمة قتالية وهي تحييد الدفاع الجوي. خلف كل المجهود الهجومي، ترتكز المهمة الدفاعية من خلال شبكات الرصد الأرضية والجوية ومراكز اتخاذ القرار وغرف العمليات المتصلة والتصرف من خلال شبكة الدفاع الجوي مختلفة المنظومات.