منذ وصول العاصفة “دانيال” لبنغازي إلى انهيار سدود “درنة”… كيف تسارعت الأحداث في فيضانات ليبيا؟
لا تزال المشاهد المأساوية تصل من مدينة درنة الليبية حيث خلفت العاصفة “دانيال” أكثر من 3800 قتيل حسب آخر حصيلة أعلنتها وزارة الداخلية في الحكومة التابعة للسلطات في شرق البلاد. وتتعدد قصص المأساة بين مواطنين دفنوا بعض أفراد عائلاتهم، وآخرين يفتشون بين الجثث التي قذفتها المياه، بينما لا يزال الكثيرون في عداد المفقودين بسبب السيول الجارفة التي دمرت المنازل وغمرت الأحياء. في ما يلي، ما نعرفه عن هذه الفيضانات وتبعاتها.
نشرت في:
6 دقائق
حولت العاصفة “دانيال” مدينة درنة الليبية إلى مقبرة مفتوحة، وانتشرت مشاهد الدمار في مختلف أنحاء المدينة، حيث بلغت حصيلة القتلى حسب آخر حصيلة رسمية أعلنتها وزارة الداخلية في الحكومة التابعة للسلطات في شرق البلاد، إلى 3840 شخص.
وذكرت الوزارة أن من بين القتلى 400 أجنبي على الأقل من سودانيين ومصريين. فيما قال رئيس بلدية درنة إن حصيلة القتلى الإجمالية ستتراوح ما بين 18 ألفا و20 ألف شخص.
العاصفة “دانيال” تضرب الساحل الشرقي لليبيا
وصلت العاصفة “دانيال” بعد ظهر الأحد إلى الساحل الشرقي لليبيا، وضربت مدينة بنغازي قبل أن تتجه شرقا نحو مدن في الجبل الأخضر (شمال شرق)، مثل شحات (قورينا) والمرج والبيضاء وسوسة (أبولونيا) ودرنة، حيث خلفت أكبر عدد من القتلى وسببت دمارا هائلا.
ليل الأحد الاثنين، انهار السدان الرئيسيان على نهر وادي درنة الصغير، ما تسبب في انزلاقات طينية ضخمة دمرت جسورا وجرفت العديد من المباني مع سكانها.
وحالت طرق مقطوعة وانهيارات أرضية وفيضانات دون وصول المساعدة إلى سكان المدن المتضررة.
اقرأ أيضافيضانات ليبيا: ما هو إعصار “دانيال” الجارف ولماذا زرع الموت والدمار بمدينة درنة؟
فاجعة درنة
بحسب الأرقام التي قدمتها أجهزة الطوارئ التابعة للحكومة المعترف بها في طرابلس، أسفرت العاصفة عن مقتل أكثر من 2300 شخص في مدينة درنة وحدها، لكن السلطات في شرق ليبيا تخشى أن تكون حصيلة القتلى أكبر بكثير.
وتشرد 30 ألف شخص على الأقل، بالإضافة إلى ثلاثة آلاف شخص في البيضاء وأكثر من ألفين في بنغازي الواقعة في الغرب.
وأفاد مسؤول في الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر عن حصيلة قتلى “ضخمة” قد تصل إلى آلاف الأشخاص، بالإضافة إلى 10 آلاف شخص في عداد المفقودين. ويقول مسؤولون آخرون إن هناك أكثر من 10 آلاف قتيل.
وكانت البنية التحتية المتهالكة والمباني التي شيدت خلال العقد الأخير من دون الالتزام بقواعد التنظيم المدني وعدم الاستعداد لمواجهة كارثة طبيعية، سببا في تحويل مدينة درنة إلى مقبرة مفتوحة.
وتشهد ليبيا التي تملك أكبر احتياطي من النفط في أفريقيا، فوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011.
وتحكم البلاد منذ أكثر من سنة حكومتان متنافستان: واحدة في الغرب برئاسة عبد الحميد الدبيبة معترف بها من الأمم المتحدة، وأخرى في الشرق يرأسها أسامة حماد بتكليف من البرلمان ودعم من المشير خليفة حفتر.
وتمركزت ميليشيات في عدد من المدن الليبية، بعضها من التيار الإسلامي المتطرف كما في درنة مع “أنصار الشريعة”، ثم عناصر تنظيم “الدولة الإسلامية” الذين طردتهم عام 2018 قوات المشير خليفة حفتر.
إجراءات طارئة لمساعدة المتضررين
لمواجهة حجم الأضرار والدمار، اتخذت سلطات البلاد في الشرق وفي العاصمة طرابلس في الغرب صباح الاثنين، إجراءات طارئة لمحاولة تقديم المساعدة للسكان المتضررين.
وأرسلت قوافل مساعدات من طرابلس إلى درنة. وأعلنت حكومة طرابلس إرسال طائرتَي إسعاف ومروحية و87 طبيبا وفريق إنقاذ بالإضافة إلى تقنيين من شركة الكهرباء الوطنية لمحاولة إعادة التيار الكهربائي.
مساعدة إنسانية دولية
وبعد رسائل التعزية والدعم، أعربت العديد من الدول أبرزها الولايات المتحدة وإيطاليا وفرنسا والأمم المتحدة وقطر ومصر وتونس، عن استعدادها لمساعدة عناصر الإغاثة المحليين الذين ظهروا في صور نشرها سكان على الشبكات الاجتماعية مذهولين من حجم الكارثة وسط مشهد مروع.
وأعلنت المفوضية الأوروبية الأربعاء إرسال مساعدة من ألمانيا ورومانيا وفنلندا إلى مدينة درنة.
وقال ناطق باسم المفوضية الأوروبية “تم تفعيل آلية الدفاع المدني في الاتحاد الأوروبي، والمساعدة التي قدمتها ألمانيا ورومانيا وفنلندا في طريقها” إلى ليبيا.
وتشمل هذه المساعدة أسرة ميدانية وخيما وأغطية ومولدات كهربائية ومواد غذائية وخزانات مياه، كما جاء في بيان صادر عن المفوضية التي أشارت إلى أن الاتحاد الأوروبي مستعد “لتنسيق عروض مساعدة أخرى”.
ووصلت فرق إنقاذ أرسلتها تركيا والإمارات إلى شرق ليبيا، وفق السلطات.
وأعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الثلاثاء حالة الحداد لمدة ثلاثة أيام “تضامنا” مع ضحايا ليبيا والمغرب، بعدما شهد البلدان كارثتين طبيعيتين أودتا بحياة الآلاف.
وقال الناطق العسكري الرسمي للقوات المسلحة المصرية غريب عبد الحافظ غريب إن “ثلاث طائرات نقل عسكرية أقلعت من قاعدة شرق القاهرة الجوية متجهة إلى دولة ليبيا محملة بكميات كبيرة من المساعدات الإنسانية التي تشمل كميات من الأدوية والمستلزمات الطبية المقدمة من وزارة الصحة والسكان، بالإضافة إلى أعداد كبيرة من الخيام وأطقم للبحث والإنقاذ وعربة إغاثة ومجموعات عمل من جمعية الهلال الأحمر”.
وقال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري في إحاطة إعلامية “ستصل مساء اليوم الثلاثاء 12 أيلول/سبتمبر 2023 إلى مطار بنينا الدولي في بنغازي أول طائرة حاملة على متنها مستشفى ميدانيا مقدما من صندوق قطر للتنمية، ومواد طبية غذائية مقدمة من الهلال الأحمر القطري واللجنة الدائمة لأعمال الإنقاذ والإغاثة والمساعدات الإنسانية في المناطق المنكوبة بالدول الشقيقة والصديقة”.
وقررت فرنسا إرسال مستشفى ميداني إلى ليبيا لمساعدة السكان المتضررين، على ما أعلن وزير الداخلية جيرالد دارمانان الثلاثاء.
وأعلن السفير الأمريكي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند على منصة “إكس” أن السفارة أصدرت “إعلانا للحاجة الإنسانية من شأنه السماح بالتمويل الأولي الذي ستقدمه الولايات المتحدة لدعم جهود الإغاثة في ليبيا”.
وقال منسق الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن الاتحاد الأوروبي “يراقب الوضع من كثب وهو على استعداد لتقديم دعمه”.
وأعلن وزير الخارجية الإيطالي أنتونيو تاياني الثلاثاء أن إيطاليا ستقدم مساعدات إلى ليبيا موضحا “توجه فريق تقييم بتنسيق من الحماية المدنية (الإيطالية) إلى البلاد”.
فرانس24/ أ ف ب
اكتشاف المزيد من ماسنجر المسلم
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.