سؤال الأخلاق في الحضارة العربية والإسلامية
صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب سؤال الأخلاق في الحضارة العربية والإسلامية، ويضمّ بحوثًا منتقاة قُدّمت ضمن المؤتمر السنوي السادس للعلوم الاجتماعية والإنسانية الذي عقده المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بين 18 و20 آذار/مارس 2017 بالدوحة. يقع الكتاب (567 صفحة بالقطع الوسط، موثقًا ومفهرسًا) في ستة عشر فصلًا موزعة في خمسة أقسام.
أخلاق وحداثة
في القسم الأول، الأخلاق العربية الإسلامية وأسئلة الحداثة والإنسية، أربعة فصول. في الفصل الأول، مركّب أخلاقي حديث للمستقبل العربي، يقول فهمي جدعان إنّ مبحث الأخلاق في الفضاء العربي الإسلامي لم يخلُص في الماضي للفلاسفة باعتبار انشغال أطرافٍ أخرى به، من متكلّمين وفقهاء ومتصوّفة، ما جعل شُعب الإيمان تختلط فيه بالمعاني الإنسانية.
يتقصّى محمد بوهلال في الفصل الثاني، الأخلاق في الحداثة من النطاق الثانوي إلى النطاق المركزي مقاربة وائل حلاق، مسألة عدّ المطلب الأخلاقي المسألة الجوهرية في نقد الحداثة وتشخيص أزمتها، وحجر الزاوية في إعادة تأسيسها، وعدّ الدين الأشد فاعلية في تقديم الجواب الأخلاقي عن اختلالات الحداثة. هدفه من ذلك إنهاء أسطورة الحداثة الغربية بوصفها صيغةً عليا ونهائية لتطوّر البشرية.
في الفصل الثالث، هل تكون المُواطَنة مدخلًا إلى أخلاقية عربية ناجعة؟ بحث في وضعنة القيمة، يتناول علي الصالح مُولَى مفهوم المواطنة، بوصفه حجر الزاوية في معمار أخلاق الحداثة، وأحد المفاهيم المركزية التي نحتتها الحداثةُ وأقامت عليه قسمًا كبيرًا من فلسفتها السياسية، وأنضجت به تصورًا للإنسان في علاقته بالدولة وبسائر الأفراد المكونين للنسيج المجتمعي.
يطرح محمد أوالطاهر في الفصل الرابع، الأنسنة بوصفها تجاوزًا لثنائية العقل والإيمان في فكر محمد أركون، إشكالية النزعة الإنسانية في الفكر العربي الإسلامي، وجدلية الديني والسياسي والحدود المتحركة بينهما.
تبيئة النظرية
في القسم الثاني، سؤال الأخلاق في الفلسفة الإسلامية، أربعة فصول. في الفصل الخامس، أخلاق التعقّل في فلسفة الفارابي وراهنيتها في الفكر الفلسفي العربي المعاصر، يتناول مولاي أحمد مولاي عبد الكريم جعفر مسألة التعقّل بما هو أخلاقية عند الفارابي وتجلياته المختلفة، محاولًا إبراز ملامح استعادة هذا المفهوم في النشاط الفكري المعاصر، انطلاقًا من رصد كيفية طرح التعقّل إشكاليةً مزدوجة حول العقل، تتعلق بإظهار الماهية الأخلاقية للعقل والماهية العقلية للأخلاق في الآن ذاته.
في الفصل السادس، إتيقا الحياة الدنيا الطيبة عند الرازي: صيغة مبكرة للاستقلالية الأخلاقية ولفصل الأخلاق عن الدين، يبحث شفيق اكَريكَر السؤال الأخلاقي في فكر أبي بكر الرازي، مستشكلًا تجربة إتيقا الاستقلالية حيث تستقلّ الأخلاق عن الدين، وتكتفي الذات العاقلة بإرادتها كي تشرّع لنفسها بنفسها نواميس وجودها الأخلاقي.
ينطلق رمضان بن منصور في الفصل السابع، استعمال الصناعة القياسية في العلم المدنيّ عند ابن رشد، من بيان وجوه استعمال المنطق في عِلمَيْ السياسة والأخلاق، ودور المنطق في التأسيس الإبستيمولوجي للعلم المدني. ويعدّ أنّ أقصى ما تقدر عليه الصناعة المدنية هو إنتاج براهين جدلية خطابية، ليس وفق ما ذكره أفلاطون في كتابه “الجمهورية”، وإنّما وفق المعاني التي وضعها أرسطو في صناعتَي الجدل والخطابة.
في الفصل الثامن، تبيئة النظرية السياسية والأخلاقية الأفلاطونية في الواقع العربي الإسلامي: تجربة ابن رشد الحفيد أنموذجًا، يعدّ كمال امساعد أنّ اختصار ابن رشد كتاب أفلاطون يمثّل في جوهره تعويضًا للخصوصية اليونانية بالخصوصية العربية، وأنّ ما انفصل به ابن رشد عن أفلاطون عوّضه بآراء وتحليلات تخصّ التجربة الحضارية العربية الإسلامية بصورة عامة والواقع الأندلسي في عصره بصفة خاصة.
معتزلة وأشاعرة
في القسم الثالث، قراءات معاصرة في النظام الأخلاقي الاعتزالي، فصلان. في الفصل التاسع، “الحسن” و “القبح” عند المعتزلة: بحث في المرجعيات الفكرية والتاريخية، تتناول ناجية الوريمي المسألة الأخلاقية عند المعتزلة، من حيث إنها تعكس في علاقتها بمفهومَي الحرية والمسؤولية الإنسانية تصور المعتزلة للإنسان الفاعل القادر على الإصلاح، وعلى تحقيق انتظام اجتماعي عام.
يتناول رجا بهلول في الفصل العاشر، القانون الأخلاقي والأمر الإلهي: قراءة جديدة في الخلاف بين المعتزلة والأشاعرة، المسألة الأخلاقية عند المعتزلة بوصفها موضوع خلاف بين المعتزلة والأشاعرة في العصر الإسلامي الذهبي، من منطلق أنّ الخوض في تفاصيل هذا الخلاف يرينا أنّ نقاشات هؤلاء الأسلاف ليست أمرًا منقطع الصلة بما يتم تداوله من آراء حول علاقة الأخلاق بالقانون، وبلزوم احتكام القانون إلى معايير الأخلاق.
منزلة الأخلاق
في القسم الرابع، سؤال الأخلاق الإسلامية في قراءات معاصرة، ثلاثة فصول. في الفصل الحادي عشر، إشكالية منزلة الأخلاق في المدونة الأصولية الفقهية، يُسائل حمادي ذويب صلة الدين بالأخلاق التي تبدو بديهيةً للعامة، في حين هي مسألةٌ تحتاج إلى مساءلة جديدة ودراسات على قطاعات من الفكر الديني تختبر الصلة بين المجالين الديني والأخلاقي، في المستويين التشريعي والقيمي.
يبحث محمد حبش في الفصل الثاني عشر، سؤال الأخلاق في الحضارة العربية الإسلامية: مقاربات بين النظام الأخلاقي في الإسلام والقيم الأخلاقية الديمقراطية، في إشكالية استخراج متّحدٍ أخلاقي من الأخلاق الديمقراطية، بوصفها المواد فوق الدستورية التي تتصل بالعلاقات الاجتماعية، وتهدف إلى بناء سلوكٍ إيجابي، مع القيم الإسلامية، منطلقًا من الإشكاليات الناشئة من الفهم التقليدي لسؤال الأخلاق في المجتمعات المسلمة.
في الفصل الثالث عشر، الأخلاق التطبيقيّة في الفتاوى المعاصرة: البيوتيقا أنموذجًا، يستعرض رضا حمدي تطور الأخلاق الطبّية التطبيقية في مدوّنة الفتاوى المعاصرة التي تركَّزت اهتماماتها على المسائل الاقتصادية والطبّية، وشهدت ارتباكًا ملحوظًا في التعامل مع الطفرات المعرفية والتقنية، ويقدّم نماذج طبّية عنها خصّت قضايا ملحة مثل النسل والأنساب والأمومة، والاستنساخ البشري، ونقل الأعضاء، والتّداوي والقتل الرحيم، مستكشفًا سُبل تأسيس بيوتيقا إسلامية.
موروث أخلاقي
في القسم الخامس والأخير، الموروث الأخلاقي في الحضارة الإسلامية: روافد ورُؤى، ثلاثة فصول. يتقصّى إبراهيم القادري بوتشيش في الفصل الرابع عشر، من أخلاق العالم المدنّس إلى أخلاق العالم المقدّس: دراسة في لحظة تأسيس “التصوف الأخلاقي” في المغرب، سؤال العلاقة بين الأخلاق والتصوف، ويقترح قراءةً في المشروع الأخلاقي البديل الذي قدّمه المتصوفة إنتاجًا لمجتمع مأزوم أخلاقيًا، ومجالًا متخَيّلًا أنتجه الفكر الصوفي المغربي لحظة تأسيسه في القرن السادس للهجرة، في منحى يمتزج فيه الواقع بالأسطورة، والفعل التاريخي بالعالم الغيبي.
في الفصل الخامس عشر، الموروث الأخلاقي الفارسي في الحضارة العربية الإسلامية: دراسة في تأصيل أخلاق الفرس في الآداب السلطانية الإسلامية، يتناول امحمّد جبرون مساهمة الثقافة الفارسية خلال عصر التدوين في صوغ أخلاقيات السياسة وأحكامها في المجال الإسلامي، بوصفها قضيةً من القضايا الحيوية في الدراسات العربية المعاصرة، تتقاطع عندها مقاربات ورؤى نهضوية مختلفة، من المشروع القومي العربي وتفاعلاته، إلى مشروع تجديد الوعي الديني، إلى تنامي النزعات الإقليمية والطائفية.
تدرس شفيقة وعيل في الفصل السادس عشر، نحو فهم توشيهيكو إيزوتسو: الامتداد الأخلاقي لأنطولوجيا الرحمة في رؤية الوجود القرآنية، بلورة الاستشراقي الياباني توشيهيكو إيزوتسو منظورًا مبتكرًا لمفهوم الرحمة بوصفه إطارًا لغويًا في القرآن ذا حمولةٍ قيمية وبُعدًا يرتقي فيه الإنسان أنطولوجيًا، ويبحث فيه عن رؤية وجودية للمنظومة القرآنية.
المصدر : المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات
هل انتفعت بهذا المحتوى؟
اكتشاف المزيد من ماسنجر المسلم
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.