أكرم إمام أوغلو عمدة إسطنبول… الغريم الشرس للرئيس أردوغان ومنافسه المنتظر في انتخابات 2028
أعلن عمدة إسطنبول المنتهية ولايته أكرم إمام أوغلو، مساء الأحد 31 مارس/آذار وبعد إغلاق مكاتب الاقتراع أبوابها وبدء عملية الفرز، فوزه بولاية جديدة على رأس المدينة التي يتربع على عرشها منذ عام 2019. إمام أوغلو البالغ من العمر 52 عاما، يرسخ مكانته في الساحة السياسية التركية كمنافس شرس وغريم محتمل للرئيس رجب طيب أردوغان في انتخابات 2028 الرئاسية، ولا سيما إنه حرم من الترشح في انتخابات العام الماضي لأسباب قضائية.
نشرت في:
6 دقائق
“في هذا المساء، ستكتسح أمواج الديمقراطية ساحات وشوارع وجامعات ومقاهي ومطاعم إسطنبول”. كانت هذه كلمات أكرم إمام أوغلو مساء الأحد 31 مارس/آذار أمام عشرات الآلاف من أنصاره المحتشدين للاحتفال بفوزه بولاية ثانية كعمدة لمدينة إسطنبول العاصمة الاقتصادية لتركيا.
ومع إعادة انتخابه لولاية جديدة على رأس أكبر المدن التركية، بدا أن أكرم إمام أوغلو سيفرض نفسه “زعيما” للمعارضة التركية التي سددت صفعة كبيرة لمعسكر رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان.
اقرأ أيضا من هو إمام أوغلو الفائز مجددا برئاسة إسطنبول والمنافس الأبرز لأردوغان؟
ولم ينتظر أوغلو حتى إعلان النتائج الرسمية ليصرح بفوزه العريض في الانتخابات المحلية، فقال أمام الصحافيين “إننا نحتل المركز الأول بجدارة وبفارق مليون صوت (…)، لقد ربحنا الانتخابات”. مؤكدا أن هذه النتائج قائمة على 96 بالمئة من عملية الفرز.
ويشير هذا التقدم الكبير بلا شك إلى المسيرة الطويلة التي انتهجها هذا المعارض خلال سنوات عدة. ففي انتخابات عام 2019، فاز أوغلو على بن علي يلديريم مرشح حزب العدالة والتنمية والمقرب من أردوغان بفارق ضئيل للغاية وصل إلى 14 ألف صوت، وهو فارق يمثل فعلا نقطة في بحر لا سيما وإن علمنا أن عدد من يحق لهم التصويت في بلدية إسطنبول هو نحو 10 ملايين شخص.
وشكل هذا الفوز “المتواضع” في الحقيقة منعرجا خطيرا في السياسة التركية، فأوغلو المجهول حينئذ ومرشح حزب الشعب الجمهوري قد وضع حدا لخمسة وعشرين عاما من هيمنة الرئيس رجب طيب أردوغان ومعسكره على أكبر المدن التركية. وبالعودة إلى هذا الوقت، سنجد أن أوغلو قد حقق هذا النصر بفضل دعم ائتلاف من عدة أحزاب معارضة وذلك خلافا لانتخابات الأحد التي خاضها تحت راية حزبه وحده.
في مرمى نيران القضاء التركي
إن المسيرة السياسية لعمدة إسطنبول تبدو على المحك جراء العراقيل والعوائق التي تضعها السلطة الحالية في طريقه. فبمحاولته منع مرشح الحزب المنافس من انتزاع منصب العمدة، أصدر أردوغان أمرا بإلغاء نتيجة انتخابات 2019 وإعادة إجرائها بعد ثلاثة شهور من ذلك. وعلى الرغم من ذلك صب هذا القرار في مصلحة أوغلو الذي تغلب على يلديريم بفارق شاسع من الأصوات هذه المرة.
بعد إعادة الانتخابات وفوزه فيها، وصف أوغلو أولئك الذين أبطلوا الانتخابات الأولى التي فاز فيها بـ”الأغبياء”. وهو ما جعله مجددا هدفا لأسهم السلطة القضائية الحاكمة التي لاحقته على هذا التصريح. ووجهت إليه اتهامات “بإهانة” أعضاء اللجنة العليا للانتخابات وقضت عليه بالسجن سنتين وسبعة أشهر ونصف نهاية عام 2022.
اقرأ أيضاحزب الشعب الجمهوري “يلحق أكبر هزيمة” بأردوغان في مساره السياسي
ومع إنه قام باستئناف هذا الحكم القضائي، الذي منعه من الترشح في الانتخابات الرئاسية عام 2023 بمواجهة الرئيس أردوغان، فإن هذا الحكم بات اليوم أكثر من أي وقت مضى سلاحا يهدف لإنهاء المسيرة السياسية والقضاء على أحد أهم الشخصيات الواعدة التي قد تقصي أردوغان وحزبه عن سدة الحكم في تركيا.
بيد أن مشاكل أوغلو القضائية لن ترى نهاية قريبة، فقد أضيفت إليها في يونيو/حزيران 2023 اتهامات بالتحايل والتلاعب في نتائج إحدى مناقصات مشاريع بلديته في بيليك دوزو، إحدى ضواحي إسطنبول، التي كان عمدتها عام 2015. أوغلو من جهته، ينفي نفيا قاطعا هذه الاتهامات التي قد تصل عقوبتها إلى سبع سنوات من السجن إذا تم إثباتها، لكن الأهم من ذلك حرمانه المؤكد من خوض انتخابات 2028 الرئاسية.
“قد يلاقي ترحيبا من كافة جمهور المعارضة”
وعلى الرغم من العديد من القضايا التي تلاحقه، فإن أوغلو يصنف بانتظام بين أهم الشخصيات السياسية التي يفضلها الأتراك. فتمتعه بالكاريزما والهالة الإعلامية التي تحيط به يساعدانه بلا شك على التموضع والإعلان عن خصومته المباشرة للرئيس رجب طيب أردوغان.
وخلال حملته الانتخابية الأخيرة، لم يكف أوغلو بصوته الأجش عن توجيه سهام نقده للرئيس أردوغان، الذي شارك بنفسه في المعركة الانتخابية من أجل استعادة العاصمة الاقتصادية التي كان هو نفسه عمدة لها بين عامي 1994 و1998، من براثن غريمه. وعلى الرغم من أن مراد كوروم كان منافسه المباشر، فقد اختار أوغلو مواجهة الخصم الحقيقي، أردوغان، الذي يتخفى وراء “رجل القش” مرشح حزب العدالة والتنمية.
ومع أن أكرم إمام أوغلو يبدو المعارض الرئيس لأردوغان، فإنه يتقاسم معه عددا من الجوانب المشتركة في الحياة: فالاثنان نشآ وترعرعا في وسط قومي تقليدي، كما أنهما عاشقان لكرة القدم، حتى أن أوغلو كان عضوا في مجلس إدارة نادي طرابزون سبور عام 2003. كما إن الاثنين تابعا دروسا قرآنية.
لكن أوغلو لا يكف أبدا عن التشديد، بخصوص الجانب الأخير المشترك بينهما، أنه بخلاف غريمه “لا يوظف إيمانه ولا تعليمه الديني الصلب في خدمة أغراضه السياسية”، بل على العكس فهو يفضل “ممارسة دينه ومعتقداته بعيدا عن الأضواء”.
وهكذا يبدو أكرم إمام أوغلو الرمز السياسي الأهم في عيون كافة أحزاب المعارضة، على الرغم من بعض الانتقادات من حزب اليسار الأخضر الموالي للأكراد، لمواجهة الرئيس أردوغان حتى انطلاق الانتخابات الرئاسية في عام 2028.
يقول عنه بيررك إسن، أستاذ العلوم السياسية في جامعة صابنجي بإسطنبول: “قد يلاقي ترحيبا من كافة أطياف جمهور المعارضة سواء أكانوا أتراكا أم أكرادا، سنة أم علويين، شبابا أم كهولا”. مشيرا إلى أن أوغلو يتمتع “بمستوى عال من التأييد في أقاليم البلاد المختلفة”.
إن أوغلو يمثل المواصفات المثلى لشخصية المرشح الرئاسي في انتخابات 2028 أمام أردوغان. غير إنه لا يود استباق الأحداث ويرفض كشف نيته بهذا الخصوص حين قال في مقابلة مع وسيلة الإعلام المعارضة ميدياسكوب إنه “لا يزال أمامنا أربع سنوات طويلة على هذه الانتخابات، وأعتقد أنه ليس من الملائم أن أتحدث عنها اليوم”.
النص الفرنسي: جان لوك مونييه | النص العربي: حسين عمارة
اكتشاف المزيد من ماسنجر المسلم
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.