“فنار 2.0” في قلب القمة العالمية للذكاء الاصطناعي قطر 2025 .. ريادة رقمية بهوية عربية

شهدت النسخة الثانية من “القمة العالمية للذكاء الاصطناعي- قطر 2025” إطلاق منصة “فنار 2.0″، التي تعد محطة أساسية ترسخ ريادة دولة قطر لقطاع الذكاء الاصطناعي في العالم العربي. تميز الحدث بالجمع بين إطلاق مبادرات وطنية ضخمة وإبرام شراكات دولية مهمة. ويمثل “فنار 2.0” تطورا نوعيا في مجال تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي السيادية بالمنطقة، والتي تهدف إلى حماية الثقافة والهوية العربية ودعم التحول الرقمي الشامل في القطاعين العام والخاص.
وجاء هذا الإطلاق خلال القمة العالمية للذكاء الاصطناعي- قطر 2025 “والتي عقد في الدوحة في الفترة مابين 9 – 10 ديسمبر 2025 م وبتنظيم من شركة (Inspired Minds) بالشراكة مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات القطرية، وبمشاركة واسعة لنخبة من المسؤولين الحكوميين وقادة الشركات العالمية والباحثين ورواد الأعمال وخبراء الابتكار الرقمي، تحت شعار “نبني معا مستقبل الذكاء الاصطناعي”.
مبادرات نوعية
تركزت أعمال اليوم الأول على الجلسة الافتتاحية والإعلان عن حزمة من المبادرات القطرية الكبرى، جاء في مقدمتها إطلاق شركة “كاي” (Qai) المتخصصة في تكنولوجيا الذكاء الإصطناعي، والهادفة إلى بناء منظومات رقمية متقدمة تدعم الابتكار، والإسهام في تحقيق التنمية المستدامة ، بالإضافة إلى إطلاق الإصدار المحدث من منصة “فنار 2.0” نموذج الذكاء الاصطناعي التوليدي للغة العربية الذي طوره معهد قطر لبحوث الحوسبة في جامعة حمد بن خليفة، عضو مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع.
و شهد اليوم الأول أيضا افتتاح المعرض المصاحب الذي ضم عددا من الشركات العالمية والجهات القطرية والشركات الناشئة، وعرضت أحدث الحلول في البنية التحتية السحابية وتحليلات البيانات والذكاء الاصطناعي التوليدي، ما فتح المجال مبكرا أمام المشاركين لعقد اجتماعات ثنائية واستكشاف فرص الشراكة والاستثمار.
ورش متخصصة وتطبيقات عملية
تميز اليوم الثاني من “القمة العالمية للذكاء الاصطناعي- قطر 2025 ” ببرنامج مكثف من الجلسات المتخصصة وورش العمل التفاعلية التي جمعت الخبراء والمبتكرين ورواد الأعمال من مختلف دول العالم لمناقشة مستقبل الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته العملية في قطاعات ذات أولوية مثل الصحة والتعليم والطاقة والخدمات الحكومية، كما تواصل التفاعل لليوم الثاني بين المستثمرين والشركات الناشئة وتبادل الخبرات بين الجهات الحكومية والشركاء الدوليين، ما أتاح تحويل النقاشات النظرية إلى مسارات عمل قابلة للتنفيذ والمتابعة بعد انتهاء أعمال القمة.
مسارات القمة الأربعة
توزعت فعاليات “القمة العالمية للذكاء الاصطناعي- قطر 2025 “على أربعة مسارات رئيسة :
- مسار المنصة الرئيسية الذي يناقش موضوعات الذكاء الاصطناعي المتقدم، والسياسات والتشريعات ذات الصلة، وبنية الجيل القادم للتقنيات الذكية.
- مسار تسريع تبني الذكاء الاصطناعي الذي يركز على تعزيز نشر التطبيقات الذكية ودراسة الحالات العملية في المؤسسات والشركات، إضافة إلى مستقبل قطاع الطاقة.
- مسار الجلسات التقنية المتقدمة المخصص للتقنيات البحثية والأكاديمية واستعراض أحدث الابتكارات التي تشكل ملامح المستقبل.
- مسار حدود الذكاء الاصطناعي العالمي الذي يتناول إطلاق قدرات الذكاء الاصطناعي والمسارات الخاصة بالذكاء الاصطناعي المسؤول، إلى جانب تنظيم هاكاثون متخصص في تقنيات الصحة بالتعاون مع جامعة قطر.
نموذج ذكاء اصطناعي عربي متقدم
جاء إطلاق “فنار 2.0” ليمثل الحدث الأبرز في القمة، وهو الإصدار المعزز من النموذج اللغوي العربي الكبير الذي يطوره معهد قطر لبحوث الحوسبة بجامعة حمد بن خليفة في قطر، بدعم من وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات القطرية، بهدف بناء نموذج عربي سيادي يلبي الاحتياجات اللغوية والثقافية للمنطقة. وتعد منصة “فنار 2.0” امتدادا للمبادرة التي أطلقت لأول مرة في قمة 2024، إلا أن الإصدار الجديد يشكل نقلة نوعية من حيث حجم النماذج وجودة البيانات التدريبية وتعدد الوسائط، وقدرة المنصة على دعم التحول الرقمي المؤسسي ضمن بيئة مغلقة تحافظ على خصوصية البيانات وحساسيتها.
المواصفات التقنية الرئيسة
تعتمد منصة “فنار 2.0″على عائلة من النماذج اللغوية العربية الكبيرة، يصل أضخمها إلى نحو 27 مليار معامل، أي ما يقارب ثلاثة أضعاف حجم الجيل السابق، مما ينعكس إيجابا على دقة الفهم والتوليد وقدرة النموذج على التعامل مع السياقات الطويلة والمعقدة. ودربت المنصة على مجموعة بيانات ضخمة تضم أكثر من 300 مليار كلمة وما يزيد على تريليون وحدة بيانات صوتية عربية، ما يمنحها قدرة استثنائية على استيعاب اللهجات العربية المتنوعة والمصطلحات الثقافية، وتمكينها من التلخيص والشرح وإعادة الصياغة والتوليد الإبداعي للنصوص العربية بدقة وكفاءة عاليتين.
منصة توليدية متعددة الوسائط
تجاوزت “فنار 2.0” حدود النماذج النصية لتقدم منصة توليدية متعددة الوسائط، إذ تجمع في نظام واحد قدرات فهم النصوص وتوليدها، وتوليد الصور، والتحويل بين الكلام والنص في الاتجاهين، وفهم المحتوى الصوتي، إلى جانب نموذج متخصص في الشعر العربي، ما يجعلها منصة شاملة لتطبيقات المحتوى العربي الذكي. وتتاح هذه القدرات عبر واجهات برمجة تطبيقات وواجهة محادثة تفاعلية، ما يسمح للمطورين والمؤسسات الحكومية والخاصة بدمج “فنار في خدماتهم بسهولة وبناء حلول عربية اللغة والقيم اعتماداً على منصة واحدة متكاملة.
ويمكن توظيف قدرات “فنار 2.0” عمليا في مجموعة واسعة من الخدمات، مثل أنظمة المساعدة الافتراضية باللغة العربية في المراكز الخدمية، ومنصات التعليم الرقمي التي تشرح المناهج بلغة مبسطة ملائمة لمختلف الفئات، وتطبيقات صحية قادرة على فهم استفسارات المرضى باللهجات المحلية وتقديم إرشادات أولية دقيقة، بما يعزز جودة التجربة الرقمية للمواطن والمقيم. كما يمكن للقطاع المالي والإعلامي الاستفادة من المنصة في تحليل المحتوى العربي وتوليد تقارير تلخيصية ورسائل تواصل موجهة، مع الحفاظ على خصوصية البيانات داخل بيئات تشغيل مؤسسية مغلقة.
حراسة الذاكرة اللغوية والثقافية
ويتجاوز دور منصة فنار الأبعاد التقنية ليقوم بمهمة حماية الذاكرة اللغوية والثقافية العربية في الفضاء الرقمي، من خلال الحفاظ على الأساليب العربية الأصيلة واستيعاب تنوع اللهجات دون الإخلال بالفصحى. وترى الجهات القائمة على المنصة أن فنار أداة استراتيجية لتعزيز حضور لغة الضاد في التقنيات الحديثة، وتحويل الذكاء الاصطناعي من مصدر قلق على الهوية إلى وسيلة لحمايتها وتوسيع انتشارها عالميا عبر محتوى عربي عالي الجودة.
تجدر الإشارة إلى أن موقع إسلام أون لاين أطلق في سياق مواكبة هذا التطور الرقمي الجديد، خدمة “اسأل فنار” ويعتبر هذا النموذج المتقدم من الذكاء الاصطناعي، والمخصص للثقافة العربية والإسلامية نتاج تعاون مميز مع معهد قطر لبحوث الحوسبة بجامعة حمد بن خليفة.




