ما يهم المسلم

لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ


كتاب مفتوح على حامل، مع منظر طبيعي خلاب للجبال والغيوم في الخلفية. الضوء يتسلل عبر الغيوم، مما يضيف جمالية درامية للمشهد.

{ بَلَىٰۚ مَنۡ أَسۡلَمَ وَجۡهَهُۥ لِلَّهِ وَهُوَ مُحۡسِنࣱ فَلَهُۥۤ أَجۡرُهُۥ عِندَ رَبِّهِۦ وَلَا خَوۡفٌ عَلَیۡهِمۡ وَلَا هُمۡ یَحۡزَنُونَ } [سُورَةُ البَقَرَةِ: ١١٢]

ما الحكمة في ضمير الجمع في ختام الآية، بعد ضمائر الإفراد؟

الجواب – والله أعلم- له وجهان:

الوجه الأول: جواب المتقدمين، من تعليلهم بالحمل على المعنى لدلالة الاسم الموصول “من” في معناه على الجمع؛ فحمل عليه. وهذا جواب ظاهري.

والوجه الآخر: جواب عن سر الاختيار في الحمل على المعنى دون اطراد السياق على الإفراد!

فتتبعت نفي الخوف والحزن في القرآن الكريم، في سياق ذكر المؤمنين؛ فوجدته ورد في صيغة الجمع “لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ” في ثلاثة عشر موضعًا.

من ذلك قوله تعالى:

  • { قُلۡنَا ٱهۡبِطُوا۟ مِنۡهَا جَمِیعࣰاۖ فَإِمَّا یَأۡتِیَنَّكُم مِّنِّی هُدࣰى فَمَن تَبِعَ هُدَایَ فَلَا خَوۡفٌ عَلَیۡهِمۡ وَلَا هُمۡ یَحۡزَنُونَ } [سُورَةُ البَقَرَةِ: ٣٨]
  • وقوله تعالى: { وَمَا نُرۡسِلُ ٱلۡمُرۡسَلِینَ إِلَّا مُبَشِّرِینَ وَمُنذِرِینَۖ فَمَنۡ ءَامَنَ وَأَصۡلَحَ فَلَا خَوۡفٌ عَلَیۡهِمۡ وَلَا هُمۡ یَحۡزَنُونَ } [سُورَةُ الأَنۡعَامِ: ٤٨]
  • وقوله تعالى: { یَـٰبَنِیۤ ءَادَمَ إِمَّا یَأۡتِیَنَّكُمۡ رُسُلࣱ مِّنكُمۡ یَقُصُّونَ عَلَیۡكُمۡ ءَایَـٰتِی فَمَنِ ٱتَّقَىٰ وَأَصۡلَحَ فَلَا خَوۡفٌ عَلَیۡهِمۡ وَلَا هُمۡ یَحۡزَنُونَ } [سُورَةُ الأَعۡرَافِ: ٣٥]

وهذا فيه مزيد طمأنة نفسية، لأن النفس تأنس بالجمع والاجتماع وإزالة الإيحاش عنها، فهو مدعاة للأنس مع رفع الخوف والحزن، ففيه تكثيف وتأكيد لطمأنة النفس وزيادة.

ولعل في ذلك أيضا إشارة إيحاء، إلى رفع الخوف والحزن عنهم مجتمعين، بما ينالهم من شفاعة بعضهم، ورحمات اجتماعهم، وهم القوم لا يشقى بهم جليسهم ورفيقهم في الدارين، ممن قصّر به السير أو تعثر في دروب السالكين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى