بين تعاطف وشح في توفير اللجوء… أفغانيات ومنظمات تدين “نفاق الغرب وخطابه المزدوج”
ريتا صافي شابة أفغانية، تحمل في هاتفها شريطا مصورا لنعش مغطى بوشاح أحمر يضم شقيقتها فروزان التي قُتلت بعد عودة حركة طالبان إلى السلطة في أفغانستان، معتبرة أنه يرمز إلى الخطاب المزدوج للغرب الذي يتعاطف مع مصير الأفغانيات لكنه لا يوفر اللجوء لهن بشكل كاف.
نشرت في:
6 دقائق
كانت فروزان صافي إحدى الناشطات المعروفات في مجال حقوق المرأة في مزار شريف، وهي مدينة كبيرة تقع في شمال أفغانستان. تم العثورعلى جثتها في نهاية تشرين الأول/أكتوبر 2021، بعد شهرين ونصف من سقوط جمهورية أفغانستان.
وتقول شقيقتها الصغرى ريتا التي التقتها وكالة الأنباء الفرنسية في مركز استقبال بضواحي باريس بعد أيام قليلة على وصولها إلى فرنسا، “لقد أصيبت بسبع رصاصات. كان وجهها مهشما تماما”.
وقد اتهمت وزارة الداخلية التابعة للنظام الأفغاني الجديد، رجُلين عُثر عندهما على رفات فروزان صافي وثلاث نساء أخريات. غير أن ريتا تتجاهل هذه الرواية الرسمية، وتقول الشابة البالغة من العمر 30 عاما تقريبا “لقد قُتلت بوحشية على يد طالبان”.
وكانت قد شعرت فروزان صافي بالخطر منذ عودة طالبان إلى السلطة وسعت للهرب إلى ألمانيا. لكنّ ريتا تشير إلى أن الدول الغربية “كانت تقول إنها ستدعم” الأفغانيات، مضيفة أن “تلك كانت مجرّد كلمات”.
وبعد مقتل شقيقتها، تحدثت إليها وسائل إعلام غربية. بعدها، وجدت نفسها أيضا في مرمى سلطات طالبان، وتقول “أخبروا والدي أنّه إذا لم أتوقف عن الكلام، فسوف يفعلون بي الشيء نفسه”.
صحافي فرنسي كتب قصتها
وفي كانون الأول/ديسمبر 2021، هربت ريتا إلى باكستان حاملة تأشيرة دخول لمدة شهرين، على أمل أن تُستقبل بسرعة في الغرب. عاشت لمدة عامين بشكل غير قانوني، مختبئة في ضواحي إسلام أباد.
وخلال هذه الفترة، بات وضع النساء في تدهور مستمر في أفغانستان، حيث كانت طالبان تمنعهن تدريجيا من الالتحاق بالمدارس الثانوية والجامعات والحدائق العامة والقاعات الرياضية والحمامات العامة… بينما كنّ يفقدن وظائفهن.
غير أنّ ريتا صافي بدأت تشهد تغييرا في حياتها عندما كتب صحافي فرنسي قصّتها ودعم طلب التأشيرة الخاص بها.
وفي الثامن من كانون الأول/ديسمبر، وصلت إلى باريس مع حوالي عشر نساء أفغانيات غادرن إسلام آباد. طلبن جميعهن اللجوء في فرنسا ومن المرجح أن يحصلن عليه.
ومن جانبها، تقول مارغو بن وهي صحافية وعضو في “مجموعة استقبال النساء الأفغانيات”، إن “هناك الكثير من النساء مثل ريتا، اللواتي قُتل أو اختُطف أقرباؤهن في أفغانستان، وتعرّضن للتهديد، كما يعشن اليوم في ظروف مزرية. لكن إذا لم يلتقَين بشخص غربي مستعدّ لمساعدتهن، فإنّ ملفّاتهن ستُفقد”.
أما السلطات الفرنسية فتؤكد أنها أصدرت أكثر من 15 ألف تأشيرة لمواطنين أفغان منذ العام 2021 “للنساء والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين والقضاة بشكل أساسي”.
ولكن تقول دلفين روييو المديرة العامّة لمنظمة “فرانس تير دازيل” (France Terre d’Asile) غير الحكومية إن هذا الرقم “لا يتوافق مع أي واقع”. وتشير إلى أنه منذ أكثر من عام “لم يصل أحد من أفغانستان، ويصل عدد ضئيل من النساء الأفغانيات من باكستان”.
ولم ترد وزارة الخارجية على سؤال وكالة الأنباء الفرنسية.
ويذكر أنه منذ عودة طالبان إلى السلطة في منتصف آب/أغسطس 2021، استقبلت المملكة المتحدة 21500 أفغاني، بينهم 70 في المئة خلال إخلاء كابول في نهاية آب/أغسطس 2021. كذلك، استقبلت الولايات المتحدة 90 ألف أفغاني، بينهم 80 في المئة خلال إخلاء كابول. ووصل أكثر من 30 ألف أفغاني إلى ألمانيا، وفق برلين التي “تشعر بقلق بالغ” أيضا إزاء وضع الأفغان الذين أُجبروا على مغادرة باكستان.
باكستان تطرد من يعيشون بدون أوراق ثبوتية
ويأتي ذلك في وقت أطلقت باكستان التي فرّ إليها 600 ألف أفغاني منذ صيف 2021، عملية واسعة النطاق لطرد أولئك الذين يعيشون بدون أوراق ثبوتية على أراضيها. وعاد أكثر من 345 ألف شخص إلى أفغانستان أو طُردوا منذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
وفي السياق، تقول نافين هاشم التي وصلت إلى فرنسا في أيلول/سبتمبر الماضي بفضل “مجموعة استقبال الأفغانيات”، إن من بين هؤلاء اللاجئين، هناك العديد من النساء اللواتي وصلن بمفردهن أو مع أطفالهن، واللواتي تعرّضن لمضايقات في باكستان كما في أفغانستان، بسبب عدم وجود رجال لـ”حمايتهن” في هاتين الدولتين المسلمتين حيث يسيطر “النظام الأبوي”.
كما تؤكد أنها هربت إلى إسلام أباد في آذار/مارس 2021 بعدما هددها بالقتل أفراد من حركة طالبان لأنها كانت تعمل مع الولايات المتحدة.
وفي باكستان، تقول هاشم إنها شاركت في إنشاء منظمة انضمّت إليها ألف امرأة أفغانية. وتشير إلى أنه “تم ترحيل 14 منهن. ولا نعرف ماذا حدث لهن”.
وإلى ذلك، فقد تم ترحيل زوجة وطفلَي رجل أفغاني يعيش بشكل قانوني في إسبانيا، من باكستان باتجاه أفغانستان في تشرين الأول/أكتوبر، بعد عدّة سنوات من الإجراءات غير المثمرة، حسبما نددت به أخيرا اللجنة الإسبانية لمساعدة اللاجئين، وهي منظمة غير حكومية.
وتشير تشيرينا جيرولون من منظمة العفو الدولية إلى أنّ “النساء الأفغانيات يُتركن لمصيرهن… لأن إجراءات الحصول على التأشيرات طويلة ومعقّدة”.
وتقول نافين هاشم التي تأمل شقيقتها فرح في الحصول على تأشيرة دخول إلى فرنسا من باكستان، إن الغرب يتحدث عن “الديمقراطية وحقوق الإنسان، ولكنّه يتركنا تحت رحمة نظام أغلق كل الأبواب في وجهنا، ومحى وجودنا”. وتضيف “بالنسبة إلي، هذا نفاق”.
هذا، وقد أصدرت السويد في كانون الأول/ديسمبر 2022 والدانمارك في شباط/فبراير 2023، وهما دولتان صارمتان للغاية بشأن الهجرة، قرارا يمنح التأشيرات تلقائيا للنساء الأفغانيات. لكن إحصاءات الهجرة الخاصة بهما، حيث لا يظهر النوع الاجتماعي، لا تسمح بتحديد مدى تأثير هذا القرار.
فرانس24/ أ ف ب
اكتشاف المزيد من ماسنجر المسلم
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.