“لم يبق شيء يأكله الفلسطينيون” في شمال القطاع
توفي عشرون شخصا على الأقل في غزة بسبب سوء التغذية والجفاف، وفق حصيلة كشفتها حركة حماس الأربعاء، في حين لم تتوقف المنظمات الدولية الإنسانية والمنظمات غير الحكومية في دق ناقوس الخطر منذ عدة أشهر إزاء مشكلة نقص الغذاء والرعاية الصحية في غزة بشكل خاص وفي مناطق فلسطينية أخرى، بشكل عام.
نشرت في:
7 دقائق
في حوار مع فرانس24 عبّر جان رافائيل بواتو، المسؤول عن منطقة الشرق الأوسط في منظمة “العمل ضد الجوع” عن مخاوفه من ارتفاع عدد القتلى بسبب سوء التغذية في حال لم تتوصل إسرائيل وحركة حماس سريعا إلى قرار يقضي بوقف إطلاق النار.
وفي غضون ذلك، أصبح الجوع حقيقة ملموسة مرة يعيشها الفلسطينيون الذين أنهكتهم خمسة أشهر من الحرب. ما أدى إلى وفاة 20 شخصا على الأقل بسبب نقص التغذية والجفاف يوم الأربعاء 6 مارس/آذار، وفق ما أعلنت وزارة الصحة في غزة التابعة لحركة حماس.
اقرأ أيضاوزارة الصحة في قطاع غزة تعلن “ارتفاع حصيلة شهداء المجاعة بين الأطفال إلى 6”
هذا، وزار موظفون من منظمة الصحة العالمية بعض المستشفيات في شمال القطاع المحاصر وهي الزيارة الأولى منذ شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وأحصوا عددا كبيرا من الأطفال الذين يعانون من “مستويات خطيرة من سوء التغذية، ويموتون جوعا، وسط نقص كبير في المواد الغذائية والمعدات الطبية والأدوية والوقود، إضافة إلى الدمار الذي لحق بالمستشفيات”، وفق تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، رئيس المنظمة العالمية.
وحسب الأمم المتحدة فإن المجاعة أصبحت حقيقة “ولم يعد من الممكن تفاديها” في قطاع غزة حيث يعيش حوالي 2.2 مليون شخص. من جهتها، أكدت إحدى المنظمات غير الحكومية والتابعة لليونيسف أن “90 بالمئة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 6 إلى 23 شهرا والنساء الحوامل يواجهون نقصا حادا في المواد الغذائية”.
وتندد المنظمات الإنسانية بالتعطيل الإسرائيلي لدخول المساعدات الإنسانية. ما جعل جان رافائيل بواتو يقول إنه “لم يبق شيء يأكله الفلسطينيون” في شمال غزة، مضيفا أنه إذا بقي حجم المساعدات الإنسانية على حاله، فـ”عدد الوفيات سيرتفع بشكل كبير” في الأسابيع المقبلة.
-
فرانس24: هل غزة تعاني من المجاعة أم مهددة بخطر المجاعة؟
جان رافاييل بواتو: نحن في وضع بدأنا نرى فيه أشخاصا لا سيما أطفال يموتون من سوء التغذية. إذن يمكن أن نتحدث عن مجاعة أو خطر مجاعة متقدم جدا. ولمعرفة ذلك، تقوم الأمم المتحدة بتقييم الوضع وفق معايير تابعة للبرنامج الغذائي العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة وكل المنظمات التي تعمل في مجال الأمن الغذائي.
ففي شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، دقت هذه المنظمات ناقوس الخطر بشأن خطر المجاعة الذي يهدد عدة مناطق في غزة. ووفق سلم من خمس درجات، تم تصنيف مستوى الأزمة في الدرجة الثالثة. وبما أن المساعدات الإنسانية لا تزال غير كافية، من المؤكد أن خطر المجاعة منذ ذلك الوقت ازداد وارتفع إلى الدرجة الرابعة أو حتى الخامسة التي تشكل كارثة مجاعة.
الوضع كارثي بالنسبة للأطفال الصغار كون أن جهاز المناعة عندهم غير متطور. ما يجعل أجسادهم غير قادرة على التصدي لنقص التغذية مثل البالغين. هناك عوامل أخرى تساعد في تفاقم أزمة سوء التغذية الحادة، مثل نقص المياه الصالحة للشرب ووجود مشاكل في أجهزة التنفس (300 ألف طفل يعاني منها) وسط نظام صحي مدمر. ولا ننسى أيضا تأثير سوء التغذية على دماغ الأطفال على المدى البعيد. لهذا السبب نعطي الأولوية لمن لا تتجازو أعمارهم 5 سنوات لأن جهازهم الدماغي لم يتطور بعد بشكل جيد.
-
يعتبر شمال غزة من بين المناطق الأكثر تضررا من سوء التغذية، فهل يجد أهالي القطاع ما يأكلونه؟
ليس لديهم ما يؤكلونه. عندما نتحدث مع موظفينا في عين المكان، يقولون لنا بأن سكان غزة يتناولون الحشيش وأوراق الشجر. لقد حاولت العديد من بعثات الأمم المتحدة الدخول إلى شمال القطاع لكن بدون جدوى. من بين 77 طلبا للدخول، الجيش الإسرائيلي لم يوافق سوى على 20 بالمئة منهم.
في رفح مثلا في جنوب القطاع، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل مذهل. شاحنات المساعدات لا تستطيع الدخول إلى الأراضي الفلسطينية. الوضع لم يتحسن في هذا المجال. هجوم السكان على الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية يظهر بأنهم يعيشون في يأس تام ولا يستطيعون إيجاد الغذاء لتفادي الموت.
بايدن يأمر جيش بلاده بإنشاء ميناء مؤقت على ساحل غزة لإيصال المساعدات
هذا الوضع يعقد عملنا الميداني في هذه المناطق. فلا نستطيع أن نعرض فرقنا للخطر. لذا نعمل على نطاق محدود. نحن نقوم بتوزيع أنواع عديدة من المواد الغذائية، مثل الزيت والحمص والطحين. ووزعنا الخضروات حين كانت لا تزال هناك محاصيل في الحقول.
-
عندما نتحدث عن المجاعة، غالبا ما تعود إلى المخيلة الجماعية صور أطفال الصومال في بداية 1990. فهل يمكن أن تشهد غزة نفس الوضع؟
نعم إنها صور لم نعتد على رؤيتها في منطقة مثل الشرق الأوسط. لكن هذا ما يحدث الآن في غزة. هناك مخاوف من تفاقم الأزمة. فبدون وفق لإطلاق النار، لا يمكن أن تقديم المساعدات الإنسانية والغذائية بشكل كاف ولا توزيعها، على الرغم من أننا نملك بروتوكولات وحلول طبية لمعالجة الأطفال الذين يشكون من سوء التغذية الحادة وذلك بتقديم لهم أغذية ذات سعرات حرارية مرتفعة على غرار الفول السوداني.
اقرأ أيضامع تفاقم أزمة الجوع في غزة… شبح الموت بسوء التغذية يتربص بعشرات الأطفال
هذه الأغذية تسمح للأطفال باسترجاع نسبي لقدراتهم البدنية وبوضع حد لسوء التغذية. لكن المشكلة هو كيف يمكن أن نصل إلى هذه الفئة من الناس. في انتظار ذلك، وإن لم يتغير الوضع، سيموت الناس جوعا وعدد الضحايا سيرتفع بشكل مخيف.
-
قام الجيش الأمريكي الأسبوع الماضي بإنزال مواد غذائية من الطائرات. هل هذا يشكل حلا لتدارك قلة عدد الشاحنات المحملة بالمساعدات الغذائية التي تدخل إلى القطاع؟
نحن نعتقد بأنها ليست الوسيلة التي يجب استخدامها. بحكم التجربة، نعلم بأن مجموعات صغيرة بإمكانها أن تحتكر هذه المواد الغذائية، وهذا قد يغذي الجريمة. من جهة أخرى، الضعفاء لن يحصلوا على المساعدات الغذائية، الأقوياء فقط هم الذين سيستحوذون على هذه المواد. لهذه الأسباب إذن، نحن لا نشجع إنزال المساعدات من الطائرات بل يجب العمل على المستوى الدبلوماسي لفتح مسارات إنسانية آمنة لتوصيل المساعدات الغذائية وتوزيعها بشكل جيد.
معايير الأمم المتحدة لتوصف المجاعة
أن يعاني 20 بالمئة على الأقل من العائلات من نقص في الغذاء
أن يعاني 30 بالمئة من الأطفال على أقل من مستوى سوء التغذية الحاد
أن يموت على الأقل شخصين من أصل 10 آلاف بسبب سوء التغذية يوميا أو 4 أطفال على الأقل دون سن الخامسة من أصل 10 آلاف طفل يوميا من الجوع أو من أمراض مرتبطة بالجوع.
اكتشاف المزيد من ماسنجر المسلم
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.