عبد الرزاق قرنح .. الروائي عبد الرزاق بن قرنح
استضافت جامعة جورجتاون في قطر ندوة حوارية مع الكاتب الروائي عبد الرزاق قرنح، الحائز على جائزة نوبل في الأدب لعام 2021م ضمن سلسلتها الأدبية “قلم: كتاب عظماء” والتي تجمع أكثر الكتاب شهرة في العالم.
أقيمت الندوة مساء الأحد الخامس عشر من أكتوبر لعام 2024 وأدارتها الكاتبة والروائية البريطانية كاميلا شمسي، وتطرق النقاش حول عدد من أهم أعمال عبد الرزاق قرنح مثل رواية “الفردوس” والتي تطرح قضايا اجتماعية مثل الاستعمار والهجرة والهوية، وهي موضوعات يتردد صداها بعمق في العالم الحديث.
تناول عبد الرزاق قرنح، في حديثه العديد من القضايا الشخصية بدءا من هجرته في شبابه المبكر إلى المملكة المتحدة، وهو لا يدرك هل يعود أو لا ؟ حيث وضع نصب عينيه البحث عن التعلم وتحقيق الذات، قائلا كنت ابن 18 عاما ولم أفكر في غير الدراسة وتحقيق الذات، فتمكن من الارتقاء بفضل التحصيل العلمي. وأصبح أستاذا جامعيا قبل أن يكون كاتبا، ونشر روايته الأولى في سن التاسعة والثلاثين، وصولا إلى الفوز بجائزة نوبل للأدب التي توجت أعماله ولم يكن يتوقعها، منوها بأن أهم القضايا التي يطرحها هي المواضيع التي طبعت حياته، كالعنصرية والتراث الاستعماري والهجرة والهوية، تعبر عنها شخصيات رواياته، وهي من المهاجرين الأفارقة مثله.
وقال “أردت دائما أن أكتب عن تلك الحلقة التاريخية من الحرب، والصراع بين دول الاستعمار في شرق إفريقيا” حيث كانت كل هذه الأشياء منهلا للكتابة في رواياتي الأولى.
كما تناول الأديب العالمي عبدالزراق قرنح تحديات نشر الكتاب الأول الذي استغرق وقتا طويلا، حتى إنه عمل في مهن بعيدة عن الشأن الأكاديمي والثقافي حينها منها عمله في مستشفى كمساعد في غرفة العمليات. وقال إنه لجأ إلى الكتابة عن المعاناة التي رآها في ظل الاستعمار بطريقة ساخرة.
كما تحدث خلال الندوة عن علاقته بالكتابة وأطواره معها وأنه تمثل له متعة شخصية وقدم جانبا من نصوصه خلال الندوة.
من هو عبد الرزاق قرنح ؟
عبد الرزاق سالم بن قرنح الكندي، المعروف أدبيًا باسم عبد الرزاق قرنح، هو روائي وكاتب أكاديمي تنزاني بريطاني من أصول حضرمية. وُلد في زنجبار في 20 ديسمبر 1948 لعائلة ذات أصول يمنية، تحديدًا من منطقة الديس الشرقية في حضرموت. هاجرت عائلته إلى زنجبار في القرن التاسع عشر، مما أثرى خلفيته الثقافية وأثر في موضوعات أعماله الأدبية.
بعد الثورة في زنجبار عام 1964 وما تبعها من اضطرابات وعنف، هاجر عبد الرزاق قرنح إلى المملكة المتحدة في سن الثامنة عشرة، حيث استقر هناك ليكمل دراسته ويبدأ مسيرته الأكاديمية. أصبح لاحقًا مواطنًا بريطانيًا وأستاذًا للأدب الإنجليزي وآداب ما بعد الاستعمار في جامعة كنت.
بدأ قرنح مسيرته الأدبية في الثمانينيات، وكتب روايات تتناول موضوعات الهجرة، والاقتلاع الثقافي، والتنوع العرقي، وتأثير الاستعمار وما بعده. يركز في أعماله على التجارب المعقدة للمهاجرين واللاجئين، معبرًا عن رؤية نقدية عميقة لتأثيرات الاستعمار وما يترتب عليه من آثار اجتماعية ونفسية على الأفراد.
في عام 2021، حصل عبد الرزاق قرنح على جائزة نوبل في الأدب. أشادت لجنة نوبل بأعماله التي تناولت تأثيرات الاستعمار ومصائر اللاجئين، ووصفتها بأنها “اختراق حازم ومتعمق لتأثيرات الاستعمار ومصائر اللاجئين في الفجوة بين الثقافات والقارات”. تُعد كتاباته انعكاسًا لتجربته الشخصية كلاجئ وكإنسان عاش بين ثقافات متعددة، ما يجعلها ذات صدى واسع على المستوى العالمي.
أبرز أعمال عبد الرزاق قرنح
حظيت أعمال عبد الرزاق قرنح باستقبال نقدي إيجابي على نطاق واسع، حيث أشاد النقاد بأسلوبه الأدبي العميق والواقعي في تناول قضايا معقدة مثل الهوية، والهجرة، والاستعمار. من خلال شخصياته وحبكاته، يقدم قرنح رؤى نقدية حول تأثيرات الاستعمار على الأفراد والمجتمعات، مما جعل أعماله ذات أهمية خاصة في سياق الأدب ما بعد الاستعماري.
ومن أهم مؤلفاته :
- “ذاكرة الرحيل” (1988) : تدور أحداث الرواية على ساحل شرق إفريقيا وتتبع حكاية صبي اسمه حسان عمر نشأ في عائلة فقيرة ومع بلوغه يبدأ في التفكير في مستقبله الذي يقوده إلى مغادرة هذه البلاد بلا عودة عندما يتخرج من المدرسة. العمل يقترح تطلعات ومعضلات حسان التي تعكس نضالات أفريقيا للتخلص من جلدها الاستعماري، والفقر والقمع وبناء هوية جديدة لنفسها.
- “الفردوس” (1994): واحدة من أشهر رواياته التي وصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة بوكر. تدور أحداث الرواية بدايات القرن العشرين في بلدة خيالية في تنزانيا بطلها صبي اسمه يوسف اضطر والده رهنه لتاجر عربي ثري فيعمل يوسف لدى التاجر بلا أجر مقابل ديون والده المستحقة وأثناء ارتحاله مع قافلة التاجر إلى وسط إفريقيا يواجه يوسف أعداء عزيز من القبائل المحلية فضلا عن الحيوانات البرية والتضاريس الصعبة. ومع عودة القافلة إلى شرق إفريقيا تبدأ الحرب العالمية ويواجه عزيز الجيش الألماني أثناء قيامهم باجتياح تنزانيا.
- “الإعجاب بالصمت” (1996) : قصة شخصية تعيش صراعات متعددة منها مكافحة العنصرية بعد الخروج من زنجبار في الستينيات إلى إنجلترا، وصراع مع الذات ومحاولة الاندماج في المجتمع الجديد.
- “عن طريق البحر” (2001): تركز الرواية على تجربة اللاجئين بين زنجبار وبريطانيا، وتناقش موضوعات الهجرة والاندماج الثقافي، مقدمةً رؤية معمقة لقضايا الهوية والانتماء.
- “الهجران” (2005): تتناول الرواية قضايا الهوية والانتماء في سياق ما بعد الاستعمار وتدور أحداثها في جزيرة زنجبار، وتعكس التوترات الناجمة عن الهجرة والاندماج في مجتمعات جديدة.
- “ما بعد الموت” (2020): تسلط الرواية الضوء على تأثيرات الاستعمار الألماني في شرق أفريقيا في أوائل القرن العشرين، وتعرض رؤية تاريخية لعواقب الاستعمار.
إلى جانب كتاباته الروائية، ساهم قرنح بمقالات أكاديمية وأوراق بحثية تتناول موضوعات مثل الهوية، والتهجير، والأدب الأفريقي، كما شارك في العديد من المؤتمرات والندوات الأدبية، قدم فيها رؤى نقدية حول التحديات التي تواجه المجتمعات المهاجرة وتفاعلاتها مع الثقافات المختلفة.