إسهامات علماء المسلمين في تربية الطفل .. من التراث إلى المعاصرة

تواجه الأسرة المسلمة تحديات جمة في سبيل تربية أبنائها على القيم والمبادئ الإسلامية مع تسارع متغيرات العصر وتتداخل ثقافاته، واكتظاظ الفضاء التربوي بمؤثرات خارجية تهدد ثبات الهوية الدينية والأخلاقية للطفل، مما خلق حالة تربوية معقدة تهدد بناء مجتمعاتنا وأسسها الأسرية.
في ظل هذا الواقع، جاءت مساهمة كتاب “إسهامات علماء المسلمين في تربية الطفل” في استلهام حلول من التراث الإسلامي الثري وقدم رؤى تربوية مستمدة من تجارب العلماء عبر العصور، تساعد في حفظ الطفل من التشتت وفقدان البوصلة وسط هذا العالم المتغير.
يمثل الكتاب أكثر من مجرد توثيق تاريخي حيث يترجم مفاهيم تربية الأبناء الإسلامية التقليدية إلى استراتيجيات عملية وعلمية، ويستند إلى أقوال وأعمال أعظم علماء المسلمين، حتى يعين الآباء والامهات على بناء جيل المستقبل بحيث تجعله يمتلك أدوات الوعي التي ستساعده للتفاعل مع تحديات العصر بروح إيمانية ثابتة وفكر نبيل وأخلاق رفيعة.
يجسد هذا العمل نموذجا تربويا أصيلا يجد فيه الآباء والمربون خلاصتهم من أزمات التربية الحديثة، ليخطو خطوة كبيرة نحو تربية إسلامية متجددة تمزج بين حفظ التراث ومواكبة المستقبل.
الكتاب من تأليف الأستاذة الدكتورة سحر توفيق نسيم والدكتورة جيهان لطفي محمد، وصدر عام 2013 م عن دار المسيرة للنشر والتوزيع في عمان – الأردن. يتعمق في دراسة مستفيضة تلقي الضوء على مساهمات العلماء المسلمين في مجال تربية الطفل مستندًا إلى التراث الإسلامي الأصيل.
فصول كتاب إسهامات علماء المسلمين في تربية الطفل
يرتكز الكتاب على أربعة فصول رئيسية تتناول نطاقات التربية في الإسلام من الجوانب العقدية، الأخلاقية، العقلية، النفسية، والاجتماعية. يتناول دور الأسرة، المجتمع، المسجد، المعلم، ووسائل الإعلام في تنشئة الطفل، كما يسلط الضوء على منهجيات التربية الإسلامية كالسلوك النموذجي، الموعظة الحسنة، الترغيب، الترهيب، القصة، والملاحظة، مع التركيز على أهمية إعداد المعلم تربيةً وتعليمًا وفق مبادئ الإسلام.
يبدأ الفصل الأول بتأسيس رؤية شاملة للتربية بمفهومها العام والإسلامي، مع سرد لمواقف الفلاسفة المسلمين وغيرهم عن مفهوم التربية وعناصرها وأهدافها في بناء شخصية متكاملة ومتوازنة.
ويستعرض الفصل الثاني ملامح تربية الطفل في الإسلام، حقوقه وواجباته، ويركز على أهمية البيئة الأسرية والمجتمعية في غرس قيم التقوى والإيثار والرحمة.
اقرأ أيضا
وفي الفصل الثالث يبرز آراء كبار العلماء كالإمام الغزالي وابن خلدون وابن تيمية، تسلط الأبحاث الضوء على الجمع بين العلوم العقدية والنفسية لتقديم نموذج تربوي متسق يعين المربين في العصر الحديث.
أما الفصل الرابع فيتخصص في التطبيقات العملية التي يستنبطها من تراث العلماء لتطوير أنشطة رياض الأطفال، مع تأكيد دور المربية والمعلم في تطبيق أساليب تربوية متنوعة تحقق أهداف تنشئة طفل متوازن عقليا وجسديا وروحيا.
خاتمة
يعد هذا الكتاب ملخصا تربويا مفيدا يعكس ثراء التراث الإسلامي في مجال تربية الطفل، ويؤكد على ضرورة مواكبة الأساليب والتقنيات الحديثة في التربية مع تحفظ جوهر القيم الدينية، لبناء شخصية صلبة قادرة على مواجهة تحديات الحاضر والمستقبل بوعي وإيمان راسخ.




