ما هي الدوافع وراء استقالة حكومة محمد اشتية؟
تم الإعلان عن استقالة حكومة محمد اشتية في وقت ازدادت فيه الانتقادات للسلطة الفلسطينية لعدم “قدرتها” على مواجهة إسرائيل في غزة والضفة الغربية المحتلة بعد الهجمات التي نفذتها حماس ضد إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول. واعتبرت الولايات المتحدة بأن هذه الاستقالة “خطوة نحو إعادة توحيد الضفة والقطاع”.
نشرت في:
6 دقائق
“لقد أعلنت عن استقالة حكومتي للسيد محمود عباس في 20 فبراير/شباط واليوم أقدمها كتابيا”. هذا ما قاله رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية الإثنين، مضيفا: هذا “القرار ناتح عن الحرب في قطاع غزة والوضع الصعب في الضفة الغربية“. وتابع: “المرحلة المقبلة تتطلب إجراءات حكومية وسياسية تأخذ بعين الاعتبار الوضع في القطاع وتدعونا إلى إيجاد توافق سياسي فلسطيني”.
وتشهد الساحة الفلسطينية انقساما كبيرا منذ الانتخابات التشريعية في 2006 والتي فازت بها حماس (المسيطرة منذ ذلك الحين على غزة)، وصل إلى حد اندلاع صراع بين الحركة الإسلامية ونظيرتها فتح (المسيطرة على الضفة الغربية المحتلة) في يونيو/حزيران 2007.
وبشأن هذه الاستقالة، قال حسني عبيدي، رئيس مركز الدراسات والأبحاث في العالم العربي ومنطقة المتوسط بجنيف: “فلسطينيو الداخل، سواء كانوا في الضفة الغربية أو في غزة، انتقدوا السلطة الفلسطينية بشدة واتهموها بعجزها عن حمايتهم من الاعتقالات الإدارية التي يتعرضون إليها”.
وتراجعت شعبية الحكومة الفلسطينية منذ عدة أشهر بسبب الوضع في غزة والضفة الغربية. بالمقابل ازدادت شعبية حماس، التي تحظى بدعم 42 بالمائة من سكان غزة و44 بالمائة من سكان الضفة الغربية وفق استطلاع للرأي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والتحقيقات في نهاية 2023.
وأظهر الاستطلاع أيضا أن ما يقارب 88 بالمائة من الفلسطينيين يؤيدون استقالة محمود عباس. وتدهورت صورة السلطة الفلسطينية بسبب اتهامات الفساد التي تطالها منذ سنين، إلى درجة أن الناشط نزار بنا توفي في يونيو/حزيران 2021 بضربات قوات الأمن الفلسطينية كونه من أشد المنتقدين للفساد داخل السلطة الفلسطينية.
إصلاحات حقيقية أم تجميلية للسلطة الفلسطينية؟
تتعرض السلطة الفلسطينية إلى انتقادات خارجية عديدة، من جهات ودول عربية بينها قطر، وأخرى غربية، إضافة إلى معارضين، تطالب بإصلاحها لكي تتمكن في المستقبل من إدارة الضفة الغربية وغزة على حد سواء تحت راية واحدة وهي راية الدولة الفلسطينية المستقلة. لكن إسرائيل ترفض هذا الحل.
ويعتبر حسني عبيدي أن “استقالة الحكومة الفلسطينية خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح”. وهذا ما يعتقده أيضا المحلل الفلسطيني غسان خطاب الذي صرح أن “محمود عباس يريد عبر القرار الذي اتخذه أن يبين للوسيط الأمريكي أنه يسير في طريق الإصلاح”.
وسبق أن كان ملف إصلاح السلطة الفلسطينية محل مباحثات بين رئيسها محمود عباس ووزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن خلال الزيارة التي قام بها إلى رام الله في 10 يناير/كانون الثاني.
قال بلينكن يومها إنه تحدث مع عباس حول “أهمية إصلاح السلطة الفلسطينية لكي تكون قادرة على تحمل مسؤولياتها في غزة وأن يتم توحيدها مع الضفة الغربية تحت إدارة فلسطينية”.
وتلبية للمطلب الأمريكي، شرع عباس نهاية يناير/كانون الثاني في القيام بالعديد من الإصلاحات وفي ميادين عدة، كالعدالة إذ عين قضاة جدد في المحكمة العليا. كما أجرى تغييرات في صفوف القوات الأمنية وفي قطاع الصحة. لكن العديد من المختصين في الشأن الفلسطيني أكدوا أن هذه الإصلاحات “تجميلية هدفها تهدئة الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي”.
رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية يضع استقالة حكومته تحت تصرف محمود عباس
من ناحيته، أكد خليل شيكاكي، مدير معهد البحوث الفلسطينية حول السياسية وسبر الآراء (مستقل) أن “محمود عباس يريد أن يبين للعالم بأنه مستعد لإجراء تغييرات، لكن في الواقع، التغيير الحقيقي الذي يمكن أن يقوم به هو أن يعود إلى منزله ويستقيل من منصبه”، مضيفا أن “أي مسؤول جديد يحل محله سيكون مجبرا أن يكون مخلصا له”.
“السلطة الفلسطينية لا تريد أن تقصى من مرحلة ما بعد حرب غزة”
وأضاف خليل شيكاكي أن الحكومة الفلسطينية المقبلة ستكرس الانفتاح نحو قوى سياسية أخرى، على غرار حماس. والحركة الإسلامية ليست ضد هذه الاستراتيجية الجديدة، إذ قال أحد قياديها، سامي أبو زهري: “استقالة حكومة اشتيه لن يكون لها معنى إلا إذا كانت في إطار بناء توافق وطني فلسطيني جديد تحسبا للمرحلة القادمة”.
ويرى المحلل السياسي حسني عبيدي أنه من “المنطق أن تنفتح السلطة الفلسطينية أكثر على الآخرين خاصة وأن غزة محكومة من قبل حماس وبالتالي هناك إمكانية لتوسيع هذا الحكم وتقاسمه”.
وبخصوص الأسماء المطروحة لخلافة محمد اشتيه، هناك اسم متداول وهو الخبير الاقتصادي محمد مصطفى، المتخرج من جامعة جورج تاون في واشنطن والذي عمل في البنك الدولي لمدة 15 عاما. يشغل هذا الاقتصادي البالغ من العمر 69 عاما حاليا منصب مدير صندوق الاستثمار الفلسطيني فضلا عن كونه مستشار الرئيسي محمود عباس لقضايا الاقتصاد.
وأنهى حسني عبيدي قائلا: “السلطة الفلسطينية لا تريد أن تقصى من اللعبة السياسية بعد نهاية حرب غزة. لكن الأولوية بالنسبة للفلسطينيين هي وقف إطلاق النار وعودة الأمن للبقاء على قيد الحياة ومحاربة المجاعة. فعندما يعود السلم سيمكن أن نتكلم آنذاك عن الإصلاحات والانتخابات العامة”.
وجدير بالذكر أن عهدة محمود عباس الرئاسية قد انتهت في 2008 دون أن يتم تنظيم انتخابات جديدة لخلافته، وهو ما يدفع منتقديه للقول إنه فاقد للشرعية السياسية. وأمام غياب رئيس منتخب، تعقد الوضع السياسي الداخلي الفلسطيني أكثر، ما جعله العديد من الفلسطينيين يكررون دعواتهم لكي يغادر السلطة.
فرانس24
اكتشاف المزيد من ماسنجر المسلم
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.