هل يريد الرئيس ماكي سال التمسك بالسلطة بتأجيله موعد الانتخابات؟
تعددت الفرضيات بشأن قرار الرئيس السنغالي ماكي سال القاضي بتأجيل الانتخابات الرئاسية المقررة في 25 فبراير/شباط 2024. فبعض أنصاره أرجعوا ذلك إلى وجود مشاكل كبيرة في البلاد وتمرد بالسجون، فيما اتهم معارضون آخرون سال بمحاولة البقاء في السلطة بشكل غير شرعي إلى غاية أن يجد وريثا مناسبا له. فهل هذا هو السبب الحقيقي وراء هذا التأجيل أم هناك أسباب أخرى؟ تحليل…
نشرت في:
6 دقائق
هل ستدخل السنغال نفق العنف والاحتجاجات بعدما قرر الرئيس ماكي سال تأجيل موعد الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في 25 فبراير /شباط 2024 إلى نهاية السنة، بحجة وجود “خلافات بين برلمان البلاد والمجلس الدستوري”.
وهل ينوي الرئيس السنغالي، الذي انتخب للمرة الأولى على رأس السلطة في 2012، عبر تأجيل هذه الانتخابات، البقاء في السلطة والتمسك بها ولو بشكل غير قانوني وغير مباشر طمعا بأن تتغير موازن القوى لصالحه في المستقبل؟
أسئلة كثيرة عادت إلى الواجهة في وقت دعت المعارضة إلى تنظيم مظاهرات شعبية الإثنين في المدن الكبرى للبلاد، تنديدا بهذا القرار الذي تعتبره بأنه “غير ديمقراطي” وغير “دستوري”.
“التعدي على عرف ديمقراطي“
وقال أليون تين، الرئيس السابق لمنظمة العفو الدولية في السنغال ومؤسس معهد أفريكاجوم للبحوث الاستراتيجية: “نواب البرلمان السنغالي هم الذين اقترحوا تأجيل الانتخابات لمدة ستة أشهر فقط، بينما بعض نواب الائتلاف الرئاسي الحاكم طالبوا بتأجيلها لسنة كاملة”.
اقرأ أيضاالسنغال: صدامات أمام البرلمان قبل جلسة تبحث مشروع قانون لتأجيل الانتخابات الرئاسية
وأكد في تصريح هاتفي لفرانس24، “ولاية الرئيس ماكي سال ستنتهي رسميا في 2 نيسان/ أبريل المقبل. فماذا سنعمل بعد ذلك؟ منذ 1968، السنغاليون أصبحوا يقدسون كل آخر يوم جمعة من شهر فبراير/شباط، لأنه يوم مخصص للذهاب إلى صناديق الاقتراع، لاختيار رئيسهم الجديد والذي دائما ينصب، كما جرت العادة، قبل العيد الوطني للبلاد الذي يصادف 4 أبريل/ نيسان”.
وتابع: “إضافة إلى التغيير الزمني الذي طرأ على موعد الانتخابات، هناك عرف ديمقراطي تم التعدي عليه ولم يتم احترامه”.
“شباب السنغال يريد أن يطوي صفحة ماكي سال”
من ناحيته، خلص أنطوان غلازير، وهو صحافي متخصص في الشؤون الأفريقية إلى أن “تأجيل الانتخابات الرئاسية السنغالية سببه وجود انشقاقات واختلافات داخل معسكر ماكي سال. فهناك من يريد تنظيمها في وقتها المحدد وهناك من يريد تأجيلها”.
اقرأ أيضاالسنغال: تأجيل الانتخابات الرئاسية يؤجج غضب الشارع احتجاجا على “انقلاب دستوري”
وأضاف في حوار مع إذاعة “فرانس أنتر” الثلاثاء “المفاجأة تكمن في إعلان سال تأجيل موعد الانتخابات علما بأنه سيفقد شرعيته كرئيس منتخب ابتداء من 5 نيسان/أبريل المقبل”، موضحا “إن الرئيس السنغالي برر قراره بوجود مشاكل عديدة في البلاد، من بينها وقوع تمردات في السجون والمعتقلات”.
وردا عن سؤال هل المعارضة تخشى وقوع انقلاب دستوري في السنغال؟، أجاب “كما حدث في بعض الدول الأفريقية الأخرى مثل مالي وبوركينا فاسو وغينيا، شباب السنغال يريد هو أيضا طي صفحة ماكي سال الذي يرمز إلى النظام القديم فضلا عن قربه مع الغرب ويريد انتخاب عثمان سونكو أو مرشح آخر مختلف لكن يتميز بمواقف وطنية ومعادية للغرب”.
“إفلاس ديمقراطي وتسونامي ضرب دولة القانون”
وفي إمكانية أن يتحول النظام الديمقراطي السائد في السنغال إلى نظام عسكري بسبب تشبث ماكي سال في الحكم، أجاب أنطوان غلازير “واقعيا، الجيش السنغالي جيش جمهوري شارك في عمليات حفظ سلام كثيرة عبر العالم، لكن في نفس الوقت لا ندري ما الذي يمكن أن يقع غدا في الثكنات العسكرية وهل سنعيش أزمة سياسية جديدة؟
وإلى ذلك، وصف النائب في المعارضة أييب دافيه الوضع في السنغال بـ”الكارثي”. وأضاف: “صورة السنغال تدهورت بشكل كبير. لا أعتقد بإمكاننا رفع رؤوسنا من جديد من هذا الإفلاس الديمقراطي ومن هذا التسونامي الذي ضرب دولة القانون” في بلادنا.
هذا، وانتقدت كل من فرنسا وألمانيا ودول أخرى في الاتحاد الأوروبي، فضلا عن بعض الدول الأعضاء في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا قرار تأجيل الانتخابات الرئاسية”.
هل رحيل ماكي سال هو الحل؟
وإثر إعلان قرار تأجيل الانتخابات الرئاسية، خرج العديد من سكان العاصمة داكار إلى الشارع للتنديد بقرار الرئيس. البعض اعتبره تعديا على الشرعية السياسية، والبعض الآخر يخشون أن يقود البلاد إلى أزمة سياسية مثل تلك التي عرفتها قبل ثلاث سنوات.
اقرأ أيضاالسنغال: من هو عثمان سونكو المعارض الشرس الذي يتحدى نظام الرئيس ماكي سال؟
هذا، ووفق مجلة “جون أفريك” المتخصصة في الشؤون الأفريقية، فإن محيط ماكي سال يأمل في البقاء بالسلطة وأقنعوه بالتأجيل حتى يتمكنوا من التحضير لعملية انتقالية وتعيين وريث مناسب.
من جهته، عارض مليك غاكو أحد المرشحين في هذه الانتخابات عملية التأجيل ودعا “جميع القوى الحية في البلاد بدون ذكر اسمها إلى العمل من أجل العودة إلى النظام الدستوري وتنظيم الانتخابات في 25 فبراير/شباط كما كان مخططا لها”.
ويخشى المراقبون من أن يتدهور الوضع السياسي إلى الأسوأ في السنغال، وتدخل البلاد في دوامة عنف مثل تلك التي عرفتها في 2023 حين قتل 9 أشخاص خلال احتجاجات وقعت بالعاصمة داكار ومدينة سان لويس بعد إصدار المحكمة الجنائية الحكم على المعارض السنغالي عثمان سونكو، بالسجن عامين بتهمة “إفساد الشباب”، وبرأته من اتهامات بالاغتصاب موجهة إليه.
ووعد الرئيس السنغالي آنذاك بالحزم في مواجهة أعمال العنف، وقرر بدء حوار وطني كان يفترض أن يخفف التوتر. لكن مع تأجيل الانتخابات الرئاسية، هناك مخاوف كبيرة من تجدد المواجهات وإدخال السنغال في دوامة عنف لا تحمد عقباه.
فهل لم يتبق لماكي سال، الذي أعلن عدم ترشحه لولاية جديدة، إلا الرحيل بعدما حكم البلاد لمدة 12 عاما؟
اكتشاف المزيد من ماسنجر المسلم
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.