7 خطوات لإدارة أوقات الصغار في رمضان
يجيء رمضان كل عام بالكثير من الأمنيات، والكثير من الحماس للاستفادة القصوى من كل دقيقة تمر؛ ولذا كانت فكرة هذا المقال بأن نغتنم الحماسة التي تعترينا للتغيير في رمضان؛ لنبدأ تعليم أولادنا وأنفسنا عادة/مهارة جديدة وهامة تنفعهم مدى الحياة، وكيف لا والله سيسألنا عن أعمارنا فيما أفنيناها.. وعن أولادنا هل دربناهم من الصغر ليكونوا مسئولين عما سيسألهم الله عليه؟!
سأحاول أن أجعل من هذا المقال ورشة تفاعلية تتضمن تدريبا على التمكن من الأفكار الرئيسية التي تقبع خلف مهارة إدارة الوقت.. خاصة أنها تعد من أكثر المهارات التي حظيت بتعدد الفلسفات، وتعدد الأطر النظرية التي أنتجت تنوعا كبيرا في المطروح من الأفكار الخاصة بها؛ ولذا فقد حاولت استخلاص الأفكار الرئيسية من هذه النظريات والأطر مع الاجتهاد في توقيعها على واقع أطفالنا فعلا بشكل يجعلها ممكنة التعلم والتدريب للأطفال.
أسباب إهدار الوقت
من أهم هذه أسباب إهدار الوقت بشكل عام، وفي رمضان بشكل خاص:
- عدم القدرة على إدارة وتنظيم الوقت أصلا في كل أيام السنة، ومع ضيق الوقت وتعدد المهام وتغيير النظام المعتاد في رمضان تكون المشكلة أشد.
- الميوعة وعدم تعويد معظم أولادنا الجدية بحجة أنهم أطفال، وعليهم أن يعيشوا طفولتهم. ولو قارنا حياة الرسل والصحابة والأطفال في سنوات ازدهار الإسلام بواقعنا اليوم لاتضح لنا خطأ هذه المقولة: “دعه فهو طفلك”.
- عدم رسوخ فكرة أن رمضان وقت عبادة، وفكرة أن العبادات كثيرة ومتنوعة، منها العمل والاستذكار الذي هو عمل الأطفال الأساسي في سنوات الدراسة.
- عدم وضوح الأولويات في حياة أولادنا.
- عدم التدريب بالقيام بعدة أعمال وعدة مهام وأدوار في وقت واحد؛ وهو ما يعد تدريبا على الحياة المتوازنة بطبيعتها الحقيقية التي تحتم تعدد مهام وأدوار.
- عدم تدريب أطفالنا على التخطيط القَبْلي في كل أحداث حياتهم؛ مما يجعلهم يواجهون المناسبات والمواقف بطريقة عشوائية.
وهنا تكمن أهمية الدعوة إلى تدريب أطفالنا على إدارة الوقت التي يمكن تلخيصها في كلمات قلائل: “حلم الحياة المتوازنة الجادة التي تعد في ميزان الحسنات”.
أسس إدارة الوقت
تقوم إدارة الوقت بشكل عام ووقت الطفل بشكل خاص على عدة أفكار رئيسية، هي:
1- القدرة على التمييز بين “ما يجب فعله”، و”ما يُرغب في فعله”:
- اطلب من طفلك أن يصنع جدولا به خانتان ويسميهما: الأولى (ما يجب فعله)، والثانية (ما أرغب في فعله).
- دعه يسجل يوميا كل ما عليه فعله، وكل ما يرغب في فعله.
2- التدريب على تحليل أي مهمة كبيرة لعدد من المهام الصغيرة:
- اذكر لطفلك عددا من المهام، واطلب منه تحليلها لمهام قصيرة كنوع من التدريب (مثلا: تنظيف الحجرة يتضمن: وضع الكتب في المكتبة، كنس الحجرة، وضع قصاصات الورق في السلة…).
- ثم اطلب منه تحليل كل مهامه اليومية التي سجلها في الجدول السابق بنفس الطريقة.
3- الوعي بالوقت اللازم لكل مهمة أو نشاط بشكل حقيقي:
- اطلب من طفلك أن يسجل الوقت الذي أنفقه فعليا عند أدائه للمهام الجزئية.
- كرر ذلك عدة مرات لنفس المهمة ليعرف بدقة متوسط الوقت الحقيقي اللازم لكل مهمة.
هذه خطوة تمهيدية لتدريب طفلك على استخدام الجداول بشكل فعال؛ فمن أكثر ما يعرقل كفاءة الجداول لدى الكثيرين هو عدم المعرفة الدقيقة للوقت اللازم للقيام بأي مهمة.
4- الوعي بوقت ذروة النشاط، والوعي بمستوى النشاط اللازم لكل مهمة:
فهناك من المهام ما يستلزم نشاطا كبيرا كالاستذكار والصلاة وقراءة القرآن مثلا، وهناك ما لا يحتاج إلى تركيز كتحضير الحقيبة المدرسية، وبعض المهام المنزلية.. بعد شرح هذه الأمثلة لطفلك..
- ضع عددا من المهام المعتادة لطفلك في ورقة، واطلب منه تسجيل مستوى النشاط اللازم لها: نشاط عال، متوسط، عادى، قليل.
- كرر ذلك عدة مرات حتى يعي مستوى النشاط الحقيقي بالنسبة له، وذلك بتكرار التقييم بعد ممارسة نفس النشاط عدة مرات.
- ساعد طفلك على الوعي بأفضل أوقاته وأكثرها نشاطا، كذلك الوعي بقدرته على أداء كل مهمة؛ فالأطفال مختلفون في ذلك؛ فمنهم من يمكنه حل مسائل الحساب بمستوى نشاط قليل، ومنهم من لا يمكنه أبدا حفظ النصوص مثلا إلا في ذروة نشاطه ويقظته.
- وبعد هذه الاختبارات السابقة دعه يسجل في الجدول أفضل وقت للقيام بكل مهمة حسب مستوى نشاطه في هذا الوقت، وحسب مستوى النشاط الذي تتطلبه المهمة.
5- الوعي بالمهام ذات الوقت المحدد والمهام المرنة:
فهناك مهام ثابتة في أوقاتها يوميا: الذهاب للمدرسة، وقت التدريبات الرياضية، وقت النوم، مواعيد الصلاة… وهناك بعض الأنشطة التي تسمح بقدر من المرونة (الاتصال بصديق، تنظيف الحجرة…).
- اطلب من طفلك أن يبدأ في توقيع المهام الثابتة في جدوله بلون محدد (أحمر مثلا)، ثم بعدها تسكين المهام المرنة.
6– فهم مضيعات الوقت:
- اطلب من طفلك أن يسجل بالترتيب كل مهمة يقوم بها على مدار اليوم مع تسجيل الوقت المنفق فيها.
- كرر ذلك لعدة أيام، وناقش مع طفلك أيًّا من هذه الأعمال يجب عليه حذفها، وأيها يمكنه تقليل الوقت المنفق فيها، وأيها عليه القيام بها في وقت آخر؛ لأنها تحتاج نشاطا أعلى..
7- الوعي بالمهام العاجلة الهامة:
هناك أمور عاجلة ولكنها غير هامة، وهناك أمور هامة جدا ولكن غير عاجلة، وهناك النوع الثالث من الأنشطة التي تعتبر هامة وعاجلة؛ فالاستذكار لامتحان بعد شهر هام ولكنه غير عاجل، والاستذكار لاختبار بعد يومين هام وعاجل، والتخلص من الأوراق التي يكتظ بها أدراجك يعد عاجلا ولكنه غير هام.
- بعد شرح السابق لطفلك اطلب من طفلك أن يسجل أمام كل مهمة من المهام التي سجلها من قبل بالجدول وصنفها تبع التصنيفات السابقة (مرن/محدد، الوقت اللازم، وقت ذروة/ أو نشاط أبطأ…) أن يضيف إليها واحدا من هذه الاختيارات (عاجل وهام، عاجل وغير هام، هام وغير عاجل، غير عاجل وغير هام).
في أثناء تدريب طفلك على مهارة إدارة الوقت تذكر هذه النقاط:
- دربه على خطوة واحدة فقط في المرة.
- أشعر طفلك بالاستمتاع في أثناء هذه المهمة، وشاركه فيها بمرح.
- دعه يشترك معك في تدريب نفسك أيضا على نفس المهارات؛ التشارك سيمثل حافزا له.
- أثنِ وكافئ التزام طفلك وقدرته على تأجيل الإشباع والصبر على القيام بمهمة تبدو له ممتعة جدا، ولكنها ليست أكثر المهام أهمية.
- علم طفلك أن يكافئ نفسه على اختياره الأصوب: أن يفعل ما عليه، وأن يفعله فعلا في هذا الوقت.
- اطلب منه تسجيل كل المكافآت التي يمكنه أن يكافئ نفسه بها قبل بداية التدريب، وفعليا حفزه لمكافأة نفسه.. ساعده ليكون مسئولا عن فعله.
- اذكر لطفلك قيمة أن يسجل نواتج وقته في ميزان الحسنات، وأن العمل الذي يعد في الميزان هو أفضل الأعمال وأكثرها أولوية “ولا تحقرن من المعروف شيئا…”.
- علمه والفت نظره لكمّ الأعمال التي يمكن أن تعد في ميزانه، والتي يمكن أن تؤدى في وقت قصير جدا. ومن الطبيعي أن يحدث ذلك تلقائيا عند وعي الطفل بالوقت الحقيقي المنفق في كل مهمة.
- كن قدوة في اختيار الأولويات: ناقش مع طفلك لماذا اخترت هذا الفعل أو النشاط ليكون أولوية؛ ففي هذا ترسيخ للقيم التي تحاول توصيلها لطفلك.
- اشرح له أن لكل منا أولوياته المختلفة عن الآخر؛ فدوما ما نختار أولوياتنا في ضوء الأمور الأكثر قيمة لنا والأكثر أهمية لنا: المال، الوضع الاجتماعي، نفع الآخرين.
- استثمر الطفولة في ترسيخ المعايير التي يختار طفلك وفقها لأمور الهامة جدا في حياته وتلك الأقل أهمية.
- حدد ما الأشياء التي لا يمكن التهاون فيها، وتستلزم إنفاق وقت مناسب لها: التعلم، المسئوليات الأسرية، العبادات…
- ساعده ليفكر في توابع أو عواقب عدم إنفاق الوقت في محله، ساعده ليسأل نفسه: ماذا لو أفعل هذا الأمر؟، ماذا لو قللت الوقت الذي استغرقه؟، هل من طرق لتقليل هذا الوقت؟… ساعده ليحلل ويفكر في البدائل.
- ساعد الطفل ليفكر هل لديه فرصة واحدة ليلتحق بما يريد، أو أن هناك فرصا أخرى يمكنه القيام فيها بما يرغب في مقابل أن يختار الآن: ما يجب فعله.
- الآن طفلك مستعد ليتعلم كيف ينظم وقته وفق جدول يومي، أو أسبوعي، أو شهري، فدربه وتدرب معه على الحياة المتوازنة.
نيفين عبدالله
اكتشاف المزيد من ماسنجر المسلم
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.